385
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

فَمِنهُم مَن جاءَ بِالطّوفانِ بَعدَ الإِنذارِ وَالإِعذارِ، فَغَرِقَ جَميعُ مَن طَغى وتَمَرَّدَ. ومِنهُم مَن اُلقِيَ فِي النّارِ فَكانَت بَردا وسَلاما. ومِنهُم مَن أخرَجَ مِنَ الحَجَرِ الصَّلدِ ناقَةً وأَجرى مِن ضَرعِها لَبَنا. ومِنهُم مَن فَلَقَ لَهُ البَحرَ، وفَجَّرَ لَهُ مِنَ الحَجَرِ العُيونَ، وجَعَلَ لَهُ العَصَا اليابِسَةَ ثُعبانا تَلقَفُ ما يَأفِكونَ. ومِنهُم مَن أبرَأَ الأَكمَهَ۱ وَالأَبرَصَ وأَحيَا المَوتى بِإِذنِ اللّه‏ِ، وأَنبَأَهُم بِما يَأكُلونَ وما يَدَّخِرونَ في بُيوتِهِم. ومِنهُم مَنِ انشَقَّ لَهُ القَمَرُ، وكَلَّمَتهُ البَهائِمُ مِثلُ البَعيرِ وَالذِّئبِ وغَيرِ ذلِكَ.
فَلَمّا أتَوا بِمِثلِ ذلِكَ وعَجَزَ الخَلقُ عَن أمرِهِم وعَن أن يَأتوا بِمِثلِهِ، كانَ مِن تَقديرِ اللّه‏ِ عز و جل ولُطفِهِ بِعِبادِهِ وحِكمَتِهِ أن جَعَلَ أنبياءَهُ عليهم‏السلام مَعَ هذِهِ القُدرَةِ وَالمُعجِزاتِ في حالَةٍ غالِبينَ وفي اُخرى مَغلوبينَ، وفي حالٍ قاهِرينَ وفي اُخرى مَقهورينَ، ولَو جَعَلَهُم اللّه‏ُ عز و جل في جَميعِ أحوالِهِم غالِبينَ وقاهِرينَ ولَم يَبتَلِهِم ولَم يَمتَحِنهُم، لاَتَّخَذَهُمُ النّاسُ آلِهَةً مِن دونِ اللّه‏ِ عز و جل، ولَما عُرِفَ فَضلُ صَبرِهِم عَلَى البَلاءِ وَالمِحَنِ وَالاِختِبارِ.
ولكِنَّهُ عز و جل جَعَلَ أحوالَهُم في ذلِكَ كَأَحوالِ غَيرِهِم، لِيَكونوا في حالِ المِحنَةِ وَالبَلوى صابِرينَ، وفي حالِ العافِيَةِ وَالظُّهورِ عَلَى الأَعداءِ شاكِرينَ، ويَكونوا في جَميعِ أحوالِهِم مُتَواضِعينَ غَيرَ شامِخينَ ولا مُتَجَبِّرينَ، ولِيَعلَمَ العِبادُ أنَّ لَهُم عليهم‏السلام إلها هُوَ خالِقُهُم ومُدَبِّرُهُم فَيَعبُدوهُ ويُطيعوا رُسُلَهُ، وتَكونَ حُجَّةُ اللّه‏ِ ثابِتَةً عَلى مَن تَجاوَزَ الحَدَّ فيهِم وَادَّعى لَهُمُ الرُّبوبِيَّةَ، أو عانَدَ أو خالَفَ وعَصى وجَحَدَ بِما أتَت بِهِ الرُّسُلُ وَالأَنبِياءُ عليهم‏السلام ؛ لِيهَلِكَ مَن هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويَحيى مَن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ.
قالَ مُحَمَّدُ بنُ إبراهيمَ بنِ إسحاقَ رضى‏الله‏عنه: فَعُدتُ إلَى الشَّيخِ أبِي القاسِمِ بنِ روحٍ قَدَّسَ اللّه‏ُ روحَهُ مِنَ الغَدِ وأَنَا أقولُ في نَفسي: أتَراهُ ذَكَرَ ما ذَكَرَ لَنا يَومَ أمسِ مِن عِندِ نَفسِهِ ؟ ! فَابتَدَأَني فَقالَ لي: يا مُحَمَّدَ بنَ إبراهيمَ، لَأَن أخِرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخطَفَنِي الطَّيرُ

1.. الأكمَهُ : هو الذي يولد أعمى مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۵۹۶ «كمه» .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
384

الحُسَينِ بنِ روحٍ رضى‏الله‏عنه، قالَ: سُئِلَ الشَّيخُ ـ يَعني أبَا القاسِمِ رضى‏الله‏عنه ـ عَن كُتُبِ ابنِ أبِي العَزاقِرِ بَعدَما ذُمَّ وخَرَجَت فيهِ اللَّعنَةُ، فَقيلَ لَهُ: فَكَيفَ نَعمَلُ بِكُتُبِهِ وبُيوتُنا مِنها مَلأى ؟
فَقالَ: أقولُ فيها ما قالَهُ أبومُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ ـ صَلَواتُ اللّه‏ِ عَلَيهِما ـ وقَد سُئِلَ عَن كُتُبِ بَني فَضّالٍ، فَقالوا: كَيفَ نَعمَلُ بِكُتُبِهِم وبُيوتُنا مِنها مَلأى ؟ فَقالَ صَلَواتُ اللّه‏ِ عَلَيهِ: «خُذوا بِما رَوَوا وذَروا ما رَأَوا».۱

۶۴۰.كمال الدين: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ إبراهيمَ بنِ إسحاقَ الطّالَقانِيُ رضى‏الله‏عنه، قالَ: كُنتُ عِندَ الشَّيخِ أبِي القاسِمِ الحُسَينِ بنِ روحٍ قَدَّسَ اللّه‏ُ روحَهُ، مَعَ جَماعَةٍ فيهِم عَلِيُّ بنُ عيسَى القَصرِيُّ، فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ فَقالَ لَهُ: إنّي اُريدُ أن أسأَلَكَ عَن شَيءٍ، فَقالَ لَهُ: سَل عَمّا بَدا لَكَ.
فَقالَ الرَّجُلُ: أخبِرني عَنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه‏السلام أهُوَ وَلِيُّ اللّه‏ِ ؟ قالَ: نَعَم. قالَ: أخبِرني، عَن قاتِلِهِ أهُوَ عَدُوُّ اللّه‏ِ ؟ قالَ: نَعَم. قالَ الرَّجُلُ: فَهَل يَجوزُ أن يُسَلِّطَ اللّه‏ُ عز و جل عَدُوَّهُ عَلى وَلِيِّهِ ؟
فَقالَ لَهُ أبُوالقاسِمِ الحُسَينُ بنُ روحٍ قَدَّسَ اللّه‏ُ روحَهُ: اِفهَم عَنّي ما أقولُ لَكَ، اعلَم أنَّ اللّه‏َ عز و جل لا يُخاطِبُ النّاسَ بِمُشاهَدَةِ العِيانِ ولا يُشافِهُهُم بِالكَلامِ، ولكِنَّهُ جَلَّ جَلالُهُ يَبعَثُ إلَيهِم رُسُلاً مِن أجناسِهِم وأَصنافِهِم بَشَرا مِثلَهُم، ولَو بَعَثَ إلَيهِم رُسُلاً مِن غَيرِ صِنفِهِم وصُوَرِهِم لَنَفَروا عَنهُم ولَم يَقبَلوا مِنهُم، فَلَمّا جاؤوهُم وكانوا مِن جِنسِهِم يَأكُلونَ الطَّعامَ ويَمشونَ فِي الأَسواقِ، قالوا لَهُم: أنتُم بَشَرٌ مِثلُنا ولا نَقبَلُ مِنكُم حَتّى تَأتونَنا بِشَيءٍ نَعجِزُ أن نَأتِيَ بِمِثلِهِ، فَنَعلَمَ أنَّكُم مَخصوصونَ دونَنا بِما لا نَقدِرُ عَلَيهِ، فَجَعَلَ اللّه‏ُ عز و جل لَهُمُ المُعجِزاتِ الَّتي يَعجِزُ الخَلقُ عَنها.

1.. الغيبة للطوسيّ : ص ۳۸۹ ح ۳۵۵ ، بحار الأنوار : ج ۵۱ ص ۳۵۸.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14751
صفحه از 518
پرینت  ارسال به