39
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

أدّى إلى ضعف الاعتماد عليه وعلى أخباره.

۴ ـ ممّا يوهن الاعتماد على هذه الأخبار أيضاً عدم انسجامها الداخليّ.۱

۵ ـ تعارض هذه الأحاديث الروايات الدالّة على النموّ الطبيعيّ للإمام، مثل حديث يعقوب بن منقوش الذي وصفه بأنّه «غلام خماسيّ»۲ جلس على فخذ أبيه بعد رؤته له في بيت الإمام العسكريّ عليه‏السلام. وعبّر أيضاً حديثُ سعد بن عبد اللّه‏ القمّي عن رؤته للإمام بجملة: «على فخذه الأيمن غلام»۳، كما وصف خبر صلاة الإمام المهديّ عليه‏السلام على جنازة والده بأنّه

1.. تفتقد هذه الأخبار الانسجام الداخليّ، كما أن كثيراً منها لايتلاءم خارجيّاً مع معطيات أُخرى وفقاً للتوضيح الآتي:
أ ـ نظمها الداخلي ضعيف؛ إذ اعتبرت النموّ اليوميّ سبعة أضعاف، والنموّ الأُسبوعيّ أربعة أضعاف، والنموّ الشهريّ اثني عشر ضعفاً حيال نموّ الآخرين، فالنسبة بين النموّ في مراحله الثلاثة ليست منسجمة ومتطابقة، فلو كان نموّه اليومي يعادل النموّ الأُسبوعي للآخرين لغدا نموّه الأُسبوعيّ يماثل سبعة أسابيع، في حين أنّ تلك النصوص اعتبرته معادلاً لنموّ شهر واحد؛ أي أربعة أسابيع. واعتبرت نموّه الشهريّ يعادل النموّ السنويّ للآخرين؛ أي اثني عشر ضعفاً، وهو لايتناسب مع النموّ الأوّل المعادل لسبعة أضعاف، ولا مع النموّ الثاني المعادل لأربعة أضعاف.
ب ـ وصفت حليمة السعديّة نموّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فقالت: «كان صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يَشُبّ في اليوم شبابَ الصّبيِّ في شهرٍ، ويشُبُّ فِي الشهرِ شبابَ الصبيِّ في سنةٍ، فبَلَغَ سنةً وهو غُلامٌ جَفرٌ» راجع: صحيح ابن حبّان: ج ۱۴ ص ۲۴۵. واستجفَرَ الصبيُّ : إذا قوي على الأكل (راجع: النهاية: ج ۱ ص ۲۷۷). في حين يجب أن يكون النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وهو ابن عامه الأوّل مثل فتىً في الثانية عشرة من عمره وفقاً لهذا الخبر، وواضح أنّ تناول طفل لغذائه كما يتناوله إنسان في الثانية عشرة أو في الثلاثين من عمره يبدو أمرا مستهجَنا، حتّى إنّه لَيبعث على السخرية.
ج ـ النموّ السريع وغير الطبيعيّ لفاطمة الزهراء عليهاالسلام يعارض الخبر الذي اعتبرها صغيرة على الزواج، فقد أجاب النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آلهالخاطبين السابقين لفاطمة عليهاالسلامبأنّها صغيرة (راجع: سنن النسائيّ : ج ۶ ص ۶۲ والطرائف: ص ۷۶ ح ۹۸).
د ـ ويشمل الأمر نفسه خبر نموّ النبيّ إبراهيم عليه‏السلام، فقد صوّره في وسط كهف مظلم لم يتح له رؤة النجوم والقمر والشمس أبداً، فيُستظهَر من هذا أنّه لهذا السبب برّره القرآن في قوله: «هَـذَا رَبِّى» و «لاَ أُحِبُّ آلاْفِلِينَ»(الأنعام: ۷۶).

2.. راجع: ص ۱۰۸ ح ۴۶۷ كمال الدين.

3.. كمال الدين: ص ۴۵۷ ح ۲۱.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
38

ويتحصّل من التقييم الدقيق للوثائق ونصوص الأحاديث المذكورة ما يلي:

۱ ـ جميع الأحاديث الدالّة على النمو غير الطبيعيّ للإمام المهديّ عليه‏السلام في طفولته غير معتبرة من حيث السند، غير أنّ خبر نموّ إبراهيم عليه‏السلام الوارد في الكافي معتبر من حيث السند، وكذلك خبر نموّ خاتم الأنبياء صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الوارد في كتاب صحيح ابن حبّان.

۲ ـ المصادر التي روت هذا الموضوع ليست على درجة عالية من الاتّساع والانتشار۱ لتهب الباحث اطمئناناً أو ظنّاً بصدور الأحاديث المشار إليها.

۳ ـ أقدم مصدر روى هذا الموضوع كتاب الهداية الكبرى تأليف حسين بن حمدان الخصيبيّ۲، ولكن فكره المغالي وذكره للأحاديث الشاذّة والنادرة في الكتاب المشار إليه

1.. أهمّ هذه المصادر: كمال الدين للشيخ الصدوق والغيبة للشيخ الطوسي.

2.. راجع: الهداية الكبرى: ص ۳۵۷. وحسين بن حمدان الخصيبي مؤّف الكتاب المذكور مشهور بالغلوّ، فقد قال عنه النجاشيّ : «كان فاسدَ المذهب. له كتب، منها: كتاب الإخوان، كتاب المسائل، كتاب تاريخ الأئمّة، كتاب الرسالة؛ تخليط» رجال النجاشيّ : ج۱ ص۱۸۷ الرقم۱۵۷. وقال عنه ابن الغضائري: «كذّاب، فاسدُ المذهب، صاحبُ مقالة ملعونة، لا يُلتفت إليه» (رجال ابن الغضائري: ص۵۴ الرقم۴۰). وذكره الشيخ الطوسيّ أيضاً ولكنّه لم يقل شيئاً عن وثاقته أو مذهبه، وأشار إلى رواية التلّعكبريّ عنه (رجال الطوسي: ص۴۲۳ الرقم۶۰۹۸).
ويدلّ كتاب الهداية الكبرى على فساد معتقداته، حيث عظّم بعض الغلاة المشهورين، مثل: محمّد بن نصير، واعتبرهم أبواب الأئمّة. والكتاب المذكور نموذج واضح لخطّ الغلاة الفكريّ في زمانه، فمثلاً صوّر ولادة الإمام المهديّ عليه‏السلاموبقيّة الأئمّة عليهم‏السلامبأنّ لهم شخصيّة ليست بشريّة وسويّة وتخالف النمط الطبيعيّ، مع أنّ ذلك ليس له شاهد يؤّده من النصوص المعتبرة، فقال عن ولادة الإمام المهديّ عليه‏السلام: «إنّا معاشر الأوصياء لسنا نُحمَل في البُطون وإنّما نُحمَل في الجنوب، ولا نُخرَج من الأرحام وإنّما نُخرجُ من الفَخِذ الأيمن من أُمّهاتنا». كما كتب عن النموّ الجسديّ للإمام أنّه كان يمشي وهو ابن أربعين يوماً، فقال: «ننشأ في اليوم ما ينشأ غيرُنا في الجمعة، وننشأ في الجمعة ما ينشأ غيرنا في السنة».
ويبدو أنّ هذا النوع من كلام الغلاة عن الأئمّة أثّر في بعض النصوص، الأمر الذي يستدعي الالتفات إليه عند التعرّض لفضائلهم وكراماتهم، وصيانة سيرة الأئمّة المعصومين عليهم‏السلام من أن يطالها ويؤّر فيها غلوّ هؤلاء الأشخاص.
وهناك ملاحظة أُخرى عن ابن حمدان، فقد بايع ابن المعتزّ العبّاسي الناصبيّ ودافع عنه، راجع الكامل في التاريخ: ج ۵ ص ۷. وعلّق بعضهم على ذلك فقال: «في مبايعي ابن المعتزّ رافضيّون بايعوا أنصب الأُمّة! هذا لعمري التخليط» (راجع: قاموس الرجال: ج ۳ ص ۴۴۱) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14642
صفحه از 518
پرینت  ارسال به