349
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

القرآن التي تابعها المتوكّل بنفسه.

وأفضى ازدهار حركة المعتزلة إلى تهميش نسبيّ لأهل الحديث من السنّة، ولكنّ النصف الثاني من القرن الثالث شهد ظهور عالم أهل السنّة المشهور أبي الحسن الأشعريّ (۲۶۰ ـ ۳۲۲ه) ومناظراته مع أبي عليّ الجبائيّ المعتزليّ تحت مظلّة الحماية العبّاسيّة أيضاً، فاشتدّ من جديد ساعدا الاتّجاه السنّي الحديثيّ بين أهل السنّة، بحيث يمكن أن يُطلق على القرن الرابع والخامس ـ أي بداية الغيبة الكبرى ـ اسم العصر الأشعريّ.۱

۴. ۵ ـ النشاطات العلميّة والثقافيّة للشيعة

أضحت عدّة مدن إسلاميّة؛ كالكوفة والبصرة وبغداد في العراق، وقم والريّ ونيشابور ومرو وبخارى وكثير غيرها، أضحت مراكز علميّة وثقافيّة نشطة.۲

عاشت في المدن المشار إليها أُسر خاصّة تولّت الزعامة الدينيّة والاجتماعيّة للشيعة، وبرز منها علماء وفقهاء ووكلاء، فحاز مثل تلك المكانة في بغداد آل نوبخت، وفي الكوفة آل أعين وفي نيشابور آل شاذان، وفي سمرقند وكش العيّاشي وتلامذته والكشّي، وفي الريّ آل بابويه، وفي قم آل الأشعريّ.۳

واختار الشيعة وأُسرهم المشهورة الإقامة بمحلاّت معيّنة في المدن التي تشتمل عليهم وعلى غيرهم، وبهذا النحو يزداد الانسجام والتعاون فيما بينهم. ويمثّل الكرخ في بغداد أهمّ محلّة للشيعة في القسم الغربيّ من المدينة، وقد تعرّضت لهجوم مخالفيهم عدّة مرّات.۴

1.. راجع في هذا الصدد: فرهنك فرق اسلامي بالفارسيّة، تحت أسماء العلماء المذكورين، وتاريخ سياسى اسلام (بالفارسيّة): ج ۳ ص ۳۴۹ وما بعدها.

2.. راجع: أحسن التقاسيم، ومعجم البلدان، تحت أسماء المدن المذكورة.

3.. راجع: المصدر السابق .

4.. جغرافياي تاريخى و انساني شيعه در جهان اسلام بالفارسيّة: ص ۵۵.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
348

مذهب الظاهريّة. ومحمّد بن جرير الطبريّ (ت۳۱۰ه) الذي عاش في نهاية هذا العصر، وأسّس مذهباً باسم الجريريّة، ولكنّه لم يحز مكانة شعبيّة مناسبة بين المذاهب القديمة.

۴. ۳ ـ تصانيف العلوم الأُخرى

تكاثرت الكتابات في المجالات المعرفيّة الأُخرى خلال هذه الحقبة، وهي تستحقّ الذكر لأنّها تعكس تطوّراً ثقافيّاً مشهوداً. فمن تلك الكتب: الطبقات الكبرى لابن سعد (ت۲۳۰ه)، والمصنّف لابن أبي شيبة (ت۲۳۵ه)، وفضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (ت۲۴۱ه)، وإصلاح المنطق لابن السكّيت (ت۲۴۴ه)، والبيان والتبيّين للجاحظ (ت۲۵۵ه)، وتاريخ المدينة لابن شبّة (ت۲۶۲ه)، وعيون الأخبار لابن قتيبة (ت۲۷۶ه)، وأنساب الأشراف للبلاذريّ (ت۲۷۹ه)، وكتب ابن أبي الدنيا (ت۲۸۱ه)، وتاريخ اليعقوبي (ت۲۸۵ه)، وتاريخ الطبريّ (ت۳۱۰ه)، وتفسير الطبريّ (ت۳۱۰ه).

۴. ۴ ـ انتشار المذهب المعتزليّ

تصدّر المعتزلة حلبة الحوارات العلميّة الدينيّة في بداية القرن الثالث الهجريّ تحت حماية المأمون والمعتصم والواثق، وراحوا ينشرون أفكارهم العقلانيّة، ويوضّحون أُصول الدين وفقاً لهذا الأساس.

ومن شخصيّاتهم المعروفة: أبو هذيل العلاّف (ت۲۳۵ه) الذي أسّس فرقة الهذليّة بنظريّاته المشهورة في علم الكلام، وأبو الحسين الخيّاط، وابن الراونديّ (ت۲۴۵ه)، وأبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت۲۵۵ه)، وأبو القاسم البلخيّ (ت۳۱۹ه). أمّا أشهر المعتزلة فهو أبو عليّ الجبائيّ (ت۳۰۳ه) الذي ذاع صيته إثر مناظرة أجراها مع بعض العلماء ومنهم الشيعة.

بقيت نشاطات المعتزلة تجتذب الأبصار إلى بداية القرن الرابع، مع أنّ الاتّجاه الدينيّ للحكم العبّاسيّ منذ زمن المتوكّل كان مخالفا لهم، ولم يحدّ من أنشطتهم حتّى فتنة خلق

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14347
صفحه از 518
پرینت  ارسال به