347
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

۴. الأوضاع العلميّة والثقافيّة

تعدّ السنوات (۲۳۰ ـ ۳۳۰ه) التي نبحثها هنا مرحلة تنمية علميّة وثقافيّة للعالم الإسلاميّ؛ لحدوث تطوّرات ملحوظة في المجالين المذكورين، حيث يلوح بوضوح تامّ توسّع العلوم الدينيّة بسبب ظهور علماء الدين والنحل الفكريّة، والكتابات العلميّة في مجالات معرفيّة منوّعة.

۴. ۱ ـ علم الحديث

ازدهر علم الحديث كثيراً منذ بداية القرن الثالث، فالكتابات الحديثيّة المنوّعة أُلِّفت بنحوٍ تتوفّر فيه مقوّمات التأثير والبقاء، وأكثر مصادر الحديث السنّيّة أهمّية ترجع إلى الزمن المشار إليه، ومنها: مسند ابن حنبل (ت۲۴۱ه)، وسنن الدارمي (ت۲۵۵ه)، وصحيح البخاريّ (ت۲۵۶ه)، وصحيح مسلم (ت۲۶۱ه)، وسنن ابن ماجه (ت۲۷۳ه)، وسنن أبي داود (ت۲۷۵ه)، وسنن الترمذيّ (ت۲۷۹ه)، وسنن النسائي (ت۳۰۳ه).

ومن كتب الشيعة المؤّفة في الزمن نفسه: المحاسن للبرقي (ت۲۷۴ه)، بصائر الدرجات للصفّار (ت۲۹۰ه)، قرب الإسناد للحميري (ت۳۰۰ه)، الكافي للكلينيّ (ت۳۲۹ه)، وهي مازالت موجودة ويمكن الرجوع إليها، أمّا الكتب الشيعيّة المفقودة في ذلك الظرف الزمنيّ فكثيرة جدّاً.

۴. ۲ ـ علم الفقه

أحد مميّزات هذا العصر ـ الذي امتدّ لمئة عام ـ توافر المذاهب الفقهيّة، ونظرة قصيرة إلى تاريخ حياة العلماء تأخذ بأيدينا إلى الميزة المشار إليها. فقد عاش أبرز علماء أهل السنّة في هذا القرن، أو قضى مدّة من عمره فيه، مثل: أحمد بن حنبل (ت۲۴۱ه) مؤّس رابع مذهب فقهي مشهور لأهل السنّة، عاش إلى منتصف القرن الثالث تقريباً، وألّف كتابه الضخم: مسند ابن حنبل. وأبي سليمان داود بن عليّ الكاشانيّ (ت۲۷۰ه) أحد تلامذة الشافعيّ ومؤّس


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
346

(المعلّمين الخصوصيّين لأبناء الأُمراء والأشراف) والوراقة. والأمر المهمّ في ذلك أنّ بعضاً منهم استطاع الدخول إلى الجهاز الإداريّ للحكومة العبّاسيّة، والعمل فيه وفي المهن التنفيذيّة.

أكثر ما لاحت هذه الظاهرة في زمن الغيبة الصغرى؛ بسبب نفوذ كثير من رجال الشيعة في الحكم، ثمّ استطاع قسم من كبارهم العاملين في الديوان من الارتقاء الوظيفيّ ليصل إلى منصب وزير، فشغل شخصان من آل فرات في الأقلّ منصب وزير مدّة؛ ممّا هيّأ أرضيّة لحضور أكثر الشيعة ونشاطاتهم في البلاط العبّاسيّ ويوفّر التدقيق في هذا البلاط خلال عصر الغيبة الصغرى فرصةً سانحة للكشف عن أسماء عدد من الكتّاب والأُمناء ورؤاء الدواوين الشيعة.۱

الملاحظة الأُخرى التي تستدعي الوقوف عندها هنا، هي ظاهرة النزوع السياسيّ المحض بين بعض الأُسر الشيعيّة المتنفّذة في عصر الغيبة الصغرى، ممّا جعل الشيعة تبدو وكأنّها حزب أو مجموعة سياسيّة، ممّا حدا برجال الدولة وأصحاب المناصب من أهل السنّة أن يتنبّهوا إلى ضرورة التصدّي بشدّة وحزم أكثر للشيعة.

والشاهد على تلك الظاهرة بروز عوائل مثل بني حمدان والبريديّين ثمّ آل بويه، وسعيهم للوصول إلى مناصب عُليا كأمير الأُمراء، وتشكيل إمارات مستقلّة، والتسلّط على منصب الخلافة.

وعلى الرغم من أنّ هذا النهج أوجد أوضاعاً مساعدة للشيعة إلى حدٍّ ما وخلال مدّة زمنيّة معيّنة في الأقلّ، إلاّ أنّه عرّض المجتمع الشيعيّ فيما بعد إلى أزمات ومصاعب مضاعفة نجمت عن ردود فعل الحكّام من أهل السنّة، ويمكن مشاهدة نموذجها البارز عند ظهور الدولة السلجوقيّة في إيران والعراق، والدولة الأيّوبيّة في مصر، وما ارتكبته من إجراءات تعسّفيّة واسعة ضدّ الشيعة.

1.. راجع: أوضاع سياسى اجتماعى و فرهنگى شيعه در غيبت صغرا بالفارسيّة: ص ۱۸۳ ـ ۱۸۶.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14471
صفحه از 518
پرینت  ارسال به