343
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

لجواسيس العبّاسيّين في سبيل القبض على وكلاء الإمام عليه‏السلام الذي اطّلع على أهدافهم وأصدر رسالة إلى وكلائه يحذّرهم فيها من استلام أيّ مبالغ شرعيّة من الناس۱، كما أخبر في رسالة أُخرى أحد وكلائه بمنع الشيعة من زيارة الإمامين الكاظمين عليهماالسلام ؛ لأنّ رجال أمن الدولة يستهدفون زوّاره للقبض عليهم.۲

وبهذا النحو تحتّم على الوكلاء وكبار رجال الشيعة انتهاج مبدأ التقيّة ليس من أجل الحفاظ على أرواحهم فقط، بل لإخفاء ابن الإمام الحسن العسكريّ عليهماالسلام أيضاً، حيث بدأت جهود الحكومة العبّاسيّة في العثور عليه منذ أن رقد والده العسكريّ عليه‏السلام في فراش المرض، وأخذ أطبّاء البلاط وحرسه يختلفون على بيته، وتراقب جواسيسهم كلّ شخص وكلّ شيء.

وبعد شهادة الإمام عليه‏السلام فُتّش بيته بدقّة طبقاً لأمر المعتمد العبّاسيّ للتيقّن من عدم بقاء ابن له۳، ثمّ أصدر أمراً ثانياً بتفتيشه للعثور على الابن المنشود بعد أن قدمت مجموعة من شيعة قم إلى سامرّاء وهي لم تعلم بشهادة الإمام العسكريّ عليه‏السلام، وباءت جهودهم بالفشل هذه المرّة أيضاً.۴

وعلى إثر هذه الأحداث ورعايةً للتقيّة، غادر النائب الأوّل للإمام الثاني عشر عثمان بن سعيد العَمريّ سامرّاءَ متوجّهاً إلى بغداد، وفيها واصل نوّاب الإمام عليه‏السلام نشاطاتهم؛ لبعدها عن مركز الخلافة الذي استقرّ في سامرّاء إلى نهاية حكم المعتمد؛ ولأنّها مدينة كبيرة يقلّ توجّه الأنظار فيها إليهم.

ومن هذا الوقت إلى نهاية حكومة المعتمد تناقصت مشاكل الشيعة؛ بسبب جهود نوّاب الإمام ووكلائه، والأزمات الداخليّة للحكومة العبّاسيّة، ومع هذا أكّد الإمام عليه‏السلام في توقيعاته

1.. راجع: الكافي: ج ۱ ص ۵۲۵.

2.. راجع: الكافي: ج ۱ ص ۵۲۵ والإرشاد: ج ۲ ص ۳۶۷.

3.. راجع: الكافي: ج ۱ ص ۵۰۵ وكمال الدين: ص ۴۳.

4.. راجع: الغيبة للطوسيّ : ص ۲۴۸.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
342

هذا فقد جَلَبت حركاتُ المجاميع المنتسبة إلى التشيّع وأهل البيت عليهم‏السلام وفِرَق الزيديّة والإسماعيليّة إليهم حزمة من المشاكل، وتُلاحظ هذه الظاهرة بوضوح في عهد حضور الأئمّة وخلال الغيبة الصغرى؛ لأنّ أهل البيت عليهم‏السلام هم المجموعة الوحيدة التي تمتلك شخصيّة مرموقة وأساساً شعبيّاً نزيهاً يؤّلها لاستلام الخلافة ومعارضة حكّام بني العبّاس؛ ولذلك ترتعد فرائص العبّاسيّين من أسماء الأئمّة ونفوذهم، ويتشدّدون في التعامل معهم.

وكنموذج على ذلك فإنّ ما واجهه الإمام الصادق عليه‏السلام في عهد المنصور، والإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه‏السلام في زمن هارون الرشيد، والإمام الهادي عليه‏السلام في أيّام المتوكّل، لم يكن منفصلاً عن انتفاضة محمّد النفس الزكيّة (ت۱۴۵ه) وشهيد فخّ الحسين بن عليّ الحسنيّ (ت۱۶۹ه) ومحمّد بن القاسم (ت۲۱۹ه).

وكذلك في عصر الغيبة الصغرى اتُّهم النائب الثالث للإمام الغائب الحسين بن روح النوبختيّ والمدافع السياسيّ عنه الوزير أبو الحسن بن فرات، بأنّهما من القرامطة، فسُجن الأوّل وأُعدِم الثاني.

ومع هذا استطاع بعض رجال الشيعة ـ كالحمدانيّين والبويهيّين كما أشرنا ـ أن يؤّسوا حكومات بما اتّخذوه من إجراءات، واستطاع بعض آخر منهم أن ينفذ إلى جسد الحكومة العبّاسيّة، وحاز مناصب سياسيّة وإداريّة مهمّة.۱

۳. الشيعة والعبّاسيّون

واجه الشيعة أوضاعاً جديدة بعد شهادة الإمام الحادي عشر وبداية عصر الغيبة، فإلى جانب غياب الإمام وظهور المدّعين للإمامة والنيابة، أحدث العبّاسيّون أزمات ومحناً جعلت الأوضاع أكثر تعقيداً. كان الخطر الأساسيّ المواجه للشيعة هو سعي الحكومة للعثور على خليفة الإمام الحادي عشر ووكلاء الإمام الثاني عشر، مما ضيّق الخناق على نشاطاتهم، واضطرّهم إلى التقيّد الشديد برعاية التقيّة. وصوّرت بعض الأخبار الإجراءات السرّية

1.. راجع: أوضاع سياسى اجتماعى و فرهنگى شيعه در غيبت صغرا بالفارسيّة : ص ۱۳۳ وما بعدها.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14585
صفحه از 518
پرینت  ارسال به