337
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

الكوفة والعراق، إلاّ أنّهم تفوّقوا مع كلّ ذلك.

ومنذ عهده ابتُليت الخلافة العبّاسيّة مرّة أُخرى بالضعف والعجز، ولكن ليس بأيدي حاشية البلاط من القادة الأتراك هذه المرّة، بل من الوزراء العرب الشيعة وغيرهم، ومن نساء الخليفة المتنفّذات.۱

۱. ۴ ـ جعفر بن المعتضد، الملقّب بالمقتدر باللّه‏ (۲۹۵ ـ ۳۲۰ه)

وصل المقتدر إلى الخلافة في الثالثة عشرة من عمره، وحاز أطول مدّة في الحكم خلال عصر الغيبة الصغرى، غير أنّ هذ الزمن الطويل ليس مؤّراً إلى قوّته وحزمه؛ لأنّه لم يمتلك قدرة على إدارة شؤن الدولة، فشغلته حاشيته بلذائذ العيش، وتولّوا هم البتّ في الأُمور.

ووصل تدخّل نساء البلاط في الحكم إلى قمّته في هذا العهد، وتمرّدت الجيوش أيضاً، وغدا منصب الوزارة حلبةَ ميدانٍ لصراع عدّة عوائل متنفّذة سياسيّاً، منها آل فرات الشيعة. أمّا أكثر العوامل تأثيراً في اختيار الوزراء، فهي المناصب وإعطاء الرشوة والتملّق، وفي تنصيب ثلاثة عشر شخصاً لمنصب الوزارة دليل على ضعف الدولة وعجزها السياسيّ.۲

شهد هذا العصر أيضاً استحواذ الفاطميّين الإسماعليّين على الحكم في شمال أفريقيا، وشروعهم في شنّ حملات بحريّة لكسر النفوذ العبّاسيّ على مصر ثمّ العراق.۳

خُتمت الخمسة والعشرون عاماً من حكم المقتدر بقتله إثر تمرّد الجيش عليه۴، وعاصر فيها حسين بن روح النوبختيّ النائب الثالث للإمام الثاني عشر عليه‏السلام.

1.. راجع: الكامل في التاريخ: ج ۴ ص ۶۲۷ وتاريخ الطبريّ : ج ۱۰ ص ۸۸.

2.. راجع: الفخري: ص ۲۵۸ ومروج الذهب: ج ۴ ص ۲۹۲ ونسب‏نامه خلفا وشهرياران بالفارسيّة : ص ۸.

3.. راجع: صلة تاريخ الطبريّ : ص ۳۳.

4.. راجع: صلة تاريخ الطبريّ : ص ۳۳ ومروج الذهب: ج ۴ ص ۲۹۲ ودولت عبّاسيان بالفارسيّة: ص ۱۹۳ ـ ۱۹۴.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
336

السلطة في حكمه، ولكنّه توفّى بسنة واحدة قبل المعتمد ولم يصل إلى الخلافة، فاستلمها ابنه أحمد هذا بعد وفاة المعتمد.

وصلت الخلافة العبّاسيّة في حكومة المعتضد أوج قوّتها خلال الغيبة الصغرى؛ لأنّه اتّخذ نهج أبيه (الموفّق) في الحروب والأعمال الإداريّة؛ من أجل إعادة تأهيل الخلافة العبّاسيّة وتعزيز قوّتها، ولكن مواقفه العمليّة ضدّ القرامطة لم تصل إلى نتيجة حاسمة، فتمكّنوا من النفوذ إلى أطراف البحرين والشام۱، كما دخل في معارك مع الخوارج وما تبقّى من الزنج.۲

والمعتضد رجل عنيف جدّي شديد في تعامله مع الموظّفين الحكوميّين ومع مخالفيه، وذكر المسعوديّ نماذج من أعماله المتشدّدة۳، كما ذكر أيضاً أنّه تشدّد نسبيّاً مع العلويّين في بادئ أمره، ولكنّه غيّر موقفه حيالهم بعد مشاهدته للإمام عليّ عليه‏السلام في عالم الرؤا، فاتّبع معهم أُسلوباً مسالماً متسامحاً، حتّى إنّه أقام علاقات ودّية مع العلويّين الزيديّين في طبرستان.۴

ساهمت إجراءاته في تنظيم شؤن الخلافة، وحالت دون تدخّل حاشية البلاط ـ وبخاصّة الأتراك ـ في أُمور الدولة.۵

۱. ۳ ـ عليّ بن المعتضد، الملقّب بالمكتفي باللّه‏ (۲۸۹ ـ ۲۹۵ه)

خاض المكتفي معارك كثيرة مع مخالفيه السياسيّين ـ وهم المتمرّدون المحليّون والأُمراء الإنفصاليّون ـ خلال مدّة حكمه القصيرة، وصرف أموالاً طائلة وبخاصّة لردّ القرامطة عن

1.. راجع: المصدر السابق: ج ۴ ص ۲۳۱.

2.. راجع: المصدر السابق: ج ۴ ص ۲۳۲.

3.. راجع: المصدر السابق: ج ۴ ص ۲۷۱.

4.. راجع: الأعلام للزركلي: ج ۱ ص ۱۴۰.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14325
صفحه از 518
پرینت  ارسال به