333
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

اغتياله والقضاء على ذرّيّته وقطع سلسلة الإمامة.۱ وأخيراً استشهد الإمام العسكريّ عليه‏السلام في سامرّاء سنة ۲۶۰ه.

اضمحلّ اتّصال الإمام عليه‏السلام بالشيعة في الأيّام التي كان فيها خارج السجن، بل تعذّر في بعض الأحيان، وواضح من أخبار عديدة أنّ الشيعة لم يتمكّنوا من لقائه في منزله، واضطرّوا لأن ينتظروه في الطرق التي يمرّ منها، ويلحقون به كلّما خرج وفقا لأوامر الخليفة مرافقا لموكبه، من دار الإمارة أو متّجها نحوها.۲ وأحياناً تتوتّر الأوضاع السياسيّة بشدّة، فيحذّر الإمام عليه‏السلام شيعته عن طريق الرسائل أو وكلائه الخاصّين بأن يمتنعوا من لقائه في الطريق وإظهار معرفتهم إيّاه؛ ليجنّبهم الأخطار المحيقة بهم من اعتقال وغيره.۳

وسعى الأئمّة عليهم‏السلام في مثل هذه الأوضاع المعقّدة لأن يوفّروا الإمكانيّات اللاّزمة لتهيئة أرضيّات قيادة الشيعة وتوجيههم، ومن تلك الخطوات تأسيس نظام الوكالة والوصول به إلى درجات الكمال، حيث بدأت مقدّماته منذ عهد الإمام السابع عليه‏السلام. ويشكّل النظام المذكور شبكة من الشيعة المعتمَدين والأُمناء حازت ثقة الأئمّة واضطلعت بمهمّة إقامة جسور العلاقات بينهم وبين الشيعة. وتربّع على قمّة هذا النظام عدّة أشخاص من الشيعة لهم مواصفات خاصّة، سكنوا في سامرّاء وبغداد، ولهم اتّصال مباشر مع الأئمّة، أمّا المدن الأُخرى فانتُخب من شيعتها مَن يتلقّى الحاجات المادّية والمعنويّة للشيعة ويوصلها إلى وكلاء سامرّاء وبغداد، ومن ثمّ إلى الأئمّة عليهم‏السلام. وتولّى وكلاء المدينتين الأخيرتين أيضاً تهيئة الأوضاع المناسبة للقاء الشيعة بأئمّتهم، وبهذا النحو تستطيع بعض مجاميعهم من المدن الأُخرى القدوم للقاء الأئمّة عليهم‏السلام على الرغم ممّا يتربّص بهم من صعوبات كثيرة وتشدّد الجهاز الأمنّي للعبّاسيّين.۴

1.. راجع: كمال الدين: ص ۴۰۷.

2.. راجع: الكافي: ج ۱ ص ۵۰۹ والإرشاد: ج ۲ ص ۳۳۲ والخرائج والجرائح: ج ۱ ص ۴۴۶ وكشف الغمّة: ج ۳ ص ۲۱۵.

3.. راجع: الخرائج والجرائح: ج ۱ ص ۴۳۹.

4.. راجع: الغيبة للطوسيّ : ص ۲۱۵.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
332

ثلاثة من العبّاسيّين: المعتزّ (۲۵۲ ـ ۲۵۵ه)، والمهتدي (۲۵۵ ـ ۲۵۶ه)، والمعتمد (۲۵۶ ـ ۲۷۹ه). وكلّ هذه الأعوام وتمام عمره تقريباً قضاه في سامرّاء، حيث انتقل مع والده إليها وعمره سنة واحدة، وربّما لم يذهب إلى مدينة أُخرى إلى زمان استشهاده؛ ولذلك كان دائما تحت مراقبة حكوميّة شديدة، بحيث توجّب عليه إعلام دار الإمارة عن حضوره في المدينة مرّتين أُسبوعيّاً كما قيل.۱

ومع هذه الأوضاع الصعبة والمدّة القصيرة اعتُقل الإمام عليه‏السلام عدّة مرّات، ولم يتركه الجواسيس في سجون المعتزّ والمهتدي أيضا؛ إذ كانوا يترقّبون صدور شيء عنه ويبحثون عن أيّ خطّ اتّصال له مع شيعته؛ لكي يوفروا مزيداً من التهم والمشاكل له.۲

ثمّ أمر المعتزّ حاجبه ليذهب بالإمام عليه‏السلام إلى الكوفة ويقضي عليه في الطريق، ولكن حال دون تلك المؤمرة عزل أُمراء البلاط له وقتلهم إيّاه.۳

كما أراد قتله أيضاً المهتدي الخليفة العبّاسيّ المتنسّك، ولكن اللّه‏ بتر عمر هذا الطاغية بيد الأتراك فقتلوه في صباح اليوم التالي، ونجا الإمام عليه‏السلام من الموت؛ وكان الإمام قد تنبّأ بذلك وأخبر أبا هاشم الجعفريّ ـ صاحب الإمام ورفيقه في السجن ـ بما سيجري قبل حدوثه.۴ وأشار الإمام عليه‏السلام بنفسه أيضاً إلى هذا الأمر بعد خروجه من سجن المهتدي في رسالة بعثها إلى أحد شيعته.۵

سُجن الإمام عليه‏السلام للمرّة الأخيرة بأمر المعتمد سنة ۲۵۹ه، ولكن سرعان ما أُطلق سراحه.۶ وبيّن في إحدى رسائله إلى أصحابه أنّ هدف العبّاسيّين من تلك الأعمال هو

1.. راجع: الغيبة للطوسيّ : ص ۲۱۵.

2.. راجع: الغيبة للطوسيّ : ص ۲۲۷ وكشف الغمّة: ج ۳ ص ۲۰۵ وحيات فكرى و سياسى امامان شيعه بالفارسيّة: ص ۵۴۴.

3.. راجع: كشف الغمّة: ج ۳ ص ۲۰۶ والمناقب لابن شهرآشوب: ج۴ ص ۴۳۱.

4.. راجع: الغيبة للطوسيّ: ص ۲۰۵.

5.. راجع: مهج الدعوات: ص ۳۲۹ وبحار الأنوار: ج ۵۰ ص ۳۱۴.

6.. راجع: الكافي: ج ۱ ص ۵۰۸ والإرشاد: ج ۲ ص ۳۲۹.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14638
صفحه از 518
پرینت  ارسال به