فالسبب الأساسيّ للضغط على أهل البيت عليهمالسلام واضطهادهم هي تلك المنزلة الشعبيّة الجليلة، وبخاصّة في عهد انتقال السلطة السياسيّة من الخليفة إلى الوزراء غير العرب فتعاظم التشدّد، كما في عهد البرامكة والأتراك حيث ازداد اضطهادهم للأئمّة عليهمالسلام وسجنهم ونفيهم، وكلّ ذلك يعكس رعبهم من التفاف الناس حول أئمّة الشيعة، وإلاّ فلا يوجد مبرّر لكي تلحق الحكومة الإساءة والضرر بعابد متعفّف وتشوّه سمعته بين الناس.
ويلاحظ في هذا العصركثرة المتصوّفة الذين جلبوا اهتمام الناس والحكومة بظاهرهم الورع، ولكنّ الحكّام لم يُبدوا أيّ معارضة حيالهم، ولهذا فتشدّدهم على أهل البيت عليهمالسلام وإنزال الأذى بهم ناجم عن خوفهم من انتشار الفكر الشيعيّ وقداسة الأئمّة بين الناس.
ه ـ ميزة أُخرى ينبغي أن يُعنى بها في تحليل أحداث هذه الفترة، هي السمات الخاصّة بالخلفاء العبّاسيّين، والأشخاص المؤّرين في بلاطهم، ومراكز السلطة وبخاصّة قادة الجيش. فمثلاً تشدُّد المتوكّل أو سعيُه للنيل من الشخصيّة المقدّسة للإمام الهادي عليهالسلام مأخوذ من عنفه وسوء تدبيره،وكذلك اضطهاده للشيعة في منع زيارة كربلاء، وغيرها من الإجراءات. ومثلها تسلّط أشناس التركيّ، وقوّة المهتدي في قمع أعمال الشغب، أو إلقاء الاختلافات بين الأتراك؛ كلّ أُولئك من صفاتهم الشخصيّة.
مجموع تلك الحوادث تسبّب في تصعيد وتيرة العنف في المجتمع، بحيث أصبح اغتيال الخلفاء أو تغييرهم والقتل والإغارة على الأموال والسعاية والعداوة من القضايا العاديّة والشائعة.
۳. الأئمّة والخلافة العبّاسيّة
تعدّ السنوات التي دنت من غيبة الإمام المهديّ عليهالسلام زمناً صعباً على الأئمّة والشيعة، فواجهتهم مشاكل ومضايقات كثيرة من قبل الحكومة والجوّ السائد في المجتمع، ويكفي لبيان هذه الأوضاع نفي الإمامين الهادي والعسكريّ عليهماالسلام والتضييق عليهما.