۱. الخلافة العبّاسيّة
سقطت الحكومة الأُمويّة بأيدي المناصرين لبني العبّاس سنة ۱۳۲ه، ومنذ ذلك الحين تولّى العبّاسيّون مقاليد الحكم، ويُعتقد أنّ حكومة هارون الرشيد (۱۷۰ ـ ۱۹۲ه) وابنه المأمون (۱۹۸ ـ ۲۱۸ه) هو العصر الذهبيّ للحكم العبّاسي، حيث بلغت قوّته ذروتها وبسطت نفوذها على كلّ العالم الإسلاميّ تقريباً، وتوفّرت دواعي إقامة علاقة سياسيّة ودّية مع بعض الدول الأُوروبيّة. واشتهر المأمون باهتمامه بالعلوم الرائجة سواء كانت دينيّة أو غيرها، والسعي في نشرها.
وأمّا من أعقبهما فلم يحز القدرة الكافية على استمرار هذا الوضع، بحيث ضعفت سلطة الخلفاء العبّاسيّين تدريجيّاً، واستشرى نفوذ حاشيتهم وقادة جيوشهم، وظهرت دويلات تولّت الحكم بذاتها في بعض أنحاء الوطن الإسلاميّ.
وقد بدأت جذور هذه الظاهرة من عهد المعتصم (۲۱۸ ـ ۲۲۷ه)؛ إذ لم يعتمد على رجال البلاط وقادة الجيش في عهد أخيه المأمون الذين كان غالبيّتهم إمّا عرباً وإمّا إيرانيّين، فاستعان بالأتراك الداخلين إلى البلاط تحت عنوان أسرى حرب أو عبيد، واستخدمهم في قوّاته العسكريّة.۱
وتسبّب اعتماده المفرط عليهم ـ هو ومن تلاه ـ في أن يثبت بعض الأتراك في الجيش جدارتهم ولياقتهم ليتسلّموا مناصب عسكريّة وحكوميّة رفيعة، وعلى الرغم من إثبات وفائهم للعبّاسيّين، إلاّ أنّ نفوذهم المتفاقم جرّهم نحو التمرّد عليهم، بحيث أقدموا ـ وفقاً لإجراءات مخطّط لها ـ على قتل وحبس بعض الخلفاء العبّاسيّين، ومن ثمّ توهين حكمهم وسلطتهم السياسيّة.
وفيما يلي نقدّم عرضاً بأسماء الخلفاء العبّاسيّين الذين استلموا زمام الأُمور في هذه الفترة حتّى بداية الغيبة الصغرى.