الفصل الثانى: أجواء المجتمع الإسلاميّ قبل الغيبة الكبرى^۱

بعد شهادة الإمام الحسن العسكريّ عليه‏السلام بمؤمرة دبّرها المعتمد العبّاسيّ سنة ۲۶۰ه، بدأت الغيبة الصغرى للإمام الثاني عشر التي استمرّت ۶۹ عاماً، ومهّدت لها عوامل كثيرة ليس من هدف هذه المقالة الحديث عن جميعها، غير أنّ الأوضاع السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة المهيمنة على المجتمع الإسلاميّ تعدّ قسماً من العوامل أو المؤّرات المذكورة، ومن هنا ينبغي أن نرسل إشارة قصيرة لترسيم واستقصاء تلك الأوضاع في العالم الإسلاميّ والشيعيّ وهو على مشارف الغيبة، بعد فرزها إلى قسمين: ما قبل الغيبة الصغرى، وما بعدها.

أوّلاً: العالم الإسلاميّ على مشارف الغيبة الصغرى

المشهد الكلّي للسلطة السياسيّة في العقود الوسطى من القرن الثالث بعد غيية الإمام الثاني عشر، يفصح عن تداول الحكم بأكفّ مجموعتين، الأُولى: بنو العبّاس الذين تمركزت قدرتهم في بغداد، ويعتقدون بزعامتهم للمسلمين على الصعيد السياسيّ والمعنويّ. الثانية: دول الحكم الذاتيّ أو نصف المستقلّة، والتي برزت إلى الوجود إثر التجزئة السياسيّة للحكومة الإسلاميّة أو التخلّي عن الإمارات الصغيرة والكبيرة.