303
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

النوبختي أسباب تنصيب حسين بن روح وعزاها إلى التكتمّ والسرّيّة التامّة، وقال:

لَو عَلِمتُ بِمَكانِهِ كَما عَلِمَ أبُو القاسِمِ وضَغَطَتنِي الحُجّةُ عَلى مَكانِهِ لَعَلّي كُنتُ أدُلّ عَلى مَكانِهِ! وأَبُو القاسِمِ؛ فَلَو كانَتِ الحُجّةُ تَحتَ ذَيلِهِ وقُرِّضَ بِالمَقاريضِ ما كَشَفَ الذَّيلَ عَنهُ ـ أو كَما قالَ ـ.۱

وتحت ظلّ هذه السرّيّة تمكّن حسين بن روح من الاتّصال حتّى بالبلاط العبّاسيّ.

واشتهر الوكيل الأوّل عثمان بن سعيد العَمري ـ الذي تواجد في بيت الإمام الهاديّ عليه‏السلام منذ صغره ـ بتجارة السمن والعسل، وتستّر بعمله في إيصال الرسائل المتبادلة بين الإمام والوكلاء الثانويّين والناس.

وداود بن الأسود خادم الإمام العسكريّ عليه‏السلام أمره الإمام بإيصال خشبة ـ طويلة مل‏ء الكفّ كأنّها رجل باب مدوّرة ـ إلى عثمان بن سعيد العَمريّ، وكان فيها رسائل دون أن يعلم، فعرض له في الطريق عارض، فانكسرت وبانت محتوياتها، وعاتبه الإمام ووبّخه على تقصيره وقلّة احتياطه.۲

ومن أساليب التكتّم والسرّيّة استخدام الكناية في الإشارة إلى اسم الإمام عليه‏السلام، ففي الرسائل والحوّالات الماليّة ذُكر الإمام عليه‏السلام باسم «الغريم»؛ أي الدائن، وهو لقب معروف لدى الأصحاب وعمّاله على الأموال، ولكنّه عاديّ جدّاً لدى الآخرين، فمكّنت هذه الطريقة الوكلاء من تفادي مباغتات الجواسيس الذين يرسلهم بنو العبّاس لاكتشاف تنظيمات نظام الوكالة، ويسّرت لهم هروباً سهلاً من مصائدهم، وبهذا حافظوا عليه من خطر جسيم.

1.. راجع: ص ۳۸۳ ح ۶۳۷ الغيبة للطوسيّ.

2.. المناقب لابن شهرآشوب: ج ۴ ص ۴۲۷ ـ ۴۲۸.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
302

الخطرة، ويأخذون بأيديهم إلى برّ السلامة بحكمتهم وحسن إدارتهم، ويشخّصون الأخطار والأضرار المحتملة، وينظّمون العلاقة الداخليّة لجماهير الشيعة مع قائدهم الغائب بحيث يستمرّ الاطمئنان في الأوساط الشيعيّة، ولا تُسلّم ذريعة بأيدي الحكّام العبّاسيّين؛ فالسمة الأُولى والمهمّة جدّاً في هذه المجموعة هي الانضباط الشخصيّ والتنظيميّ.

فمثلاً، أمرَ الوزيرُ العبّاسيّ عبيد اللّه‏ بن سليمان جواسيسَه للنفوذ بين الشيعة ومعرفة الوكلاء عن طريق تسليم أموال لهم على أنّها فرائض شرعيّة، فبلّغ الإمامُ جميع الوكلاء بعدم استلام مال من أيّ شخص، فطُبّق هذا الأمر تماماً، ولم يتمكّن الجواسيس من الحصول على أيّ دليل حتّى من وكيل واحد للإمام، فذهب جاسوس إلى محمّد بن أحمد وأصرّ عليه كثيراً باستلام الأموال، فلم يواجهه إلاّ بالتجاهل والإنكار.۱

وأقال حسين بن روح النوبختيّ حاجبه لسبّه معاوية؛ لكي لايصل أذى إلى تظيمات الوكالة، ويكفي لتصوير حسين بن روح وخبرته وتدبيره أنّه في الوقت الذي يقوم بأعباء النيابة الخاصّة للإمام المهديّ عليه‏السلام، حافظ على علاقته بالبلاط العبّاسيّ ووزرائه وزيارتهم، كما أنّه تولّى إدارة أُمور الوكالة والتردّد على مركز الحكم الإسلاميّ مستفيداً من عمله كتاجر للسمن والعسل.

۲. الأمانة والسرّيّة في العمل

الأوضاع الخاصّة بنظام الوكالة حتّمت عليه اعتماد السرّيّة كمنهج أساسيّ له في كلّ أُموره، ولهذا واجهت إدارته والعاملين فيه صعوبات كثيرة.

فبعد محمّد بن عثمان النائب الثاني ـ مثلاً ـ نُصّب حسين بن روح النوبختيّ نائباً ثالثاً، وهو أقلّ درجة في تنظيمات الوكالة من جعفر بن أحمد بن متيل وأبيه اللذين هما من الأعضاء الأصليّين في التنظيمات المذكورة والمعاصرين للنائب الثاني، فبرّر أبو سهل

1.. راجع: ج ۳ ص ۴۶ ح ۶۸۱ الكافي.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14194
صفحه از 518
پرینت  ارسال به