النوبختي أسباب تنصيب حسين بن روح وعزاها إلى التكتمّ والسرّيّة التامّة، وقال:
لَو عَلِمتُ بِمَكانِهِ كَما عَلِمَ أبُو القاسِمِ وضَغَطَتنِي الحُجّةُ عَلى مَكانِهِ لَعَلّي كُنتُ أدُلّ عَلى مَكانِهِ! وأَبُو القاسِمِ؛ فَلَو كانَتِ الحُجّةُ تَحتَ ذَيلِهِ وقُرِّضَ بِالمَقاريضِ ما كَشَفَ الذَّيلَ عَنهُ ـ أو كَما قالَ ـ.۱
وتحت ظلّ هذه السرّيّة تمكّن حسين بن روح من الاتّصال حتّى بالبلاط العبّاسيّ.
واشتهر الوكيل الأوّل عثمان بن سعيد العَمري ـ الذي تواجد في بيت الإمام الهاديّ عليهالسلام منذ صغره ـ بتجارة السمن والعسل، وتستّر بعمله في إيصال الرسائل المتبادلة بين الإمام والوكلاء الثانويّين والناس.
وداود بن الأسود خادم الإمام العسكريّ عليهالسلام أمره الإمام بإيصال خشبة ـ طويلة ملء الكفّ كأنّها رجل باب مدوّرة ـ إلى عثمان بن سعيد العَمريّ، وكان فيها رسائل دون أن يعلم، فعرض له في الطريق عارض، فانكسرت وبانت محتوياتها، وعاتبه الإمام ووبّخه على تقصيره وقلّة احتياطه.۲
ومن أساليب التكتّم والسرّيّة استخدام الكناية في الإشارة إلى اسم الإمام عليهالسلام، ففي الرسائل والحوّالات الماليّة ذُكر الإمام عليهالسلام باسم «الغريم»؛ أي الدائن، وهو لقب معروف لدى الأصحاب وعمّاله على الأموال، ولكنّه عاديّ جدّاً لدى الآخرين، فمكّنت هذه الطريقة الوكلاء من تفادي مباغتات الجواسيس الذين يرسلهم بنو العبّاس لاكتشاف تنظيمات نظام الوكالة، ويسّرت لهم هروباً سهلاً من مصائدهم، وبهذا حافظوا عليه من خطر جسيم.