299
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

ولم تنحصر المكانة السياسيّة والاجتماعيّة للنظام المشار إليه بتلك المرحلة الزمنيّة فقط، إذ سُجّلت نشاطات سياسيّة اجتماعيّة في المراحل السابقة للوكلاء، فإلقاء الحكومة العبّاسيّة القبض على وكلاء عديدين يعرب عن تأثيرهم السياسيّ الاجتماعيّ في الأوساط الشيعيّة، كما نقلت الأخبار التاريخيّة اعتقال عدد من الوكلاء هم: عليّ بن جعفر الهمانيّ۱ ومحمّد بن فرج وكيلا الإمام الهادي عليه‏السلام ۲، وأبو هاشم الجعفريّ۳، وأبو عليّ بن راشد، وعيسى بن جعفر بن عاصم، و ابن بند۴، بل إنّ حسين بن روح النوبختيّ الوكيل الثالث للإمام عليه‏السلام الذي حاز مكانة سياسيّة واجتماعيّة خاصّة في المجتمع وبلاط الحكم، لم يسلم أيضاً من الاعتقال وأمضى مدّة في السجن.

۴. المجال الأمنيّ

من أهمّ وظائف وأعمال نظام الوكالة هو إيجاد حاجز تغطية ودرع لحماية الإمامة من غدر الأعداء، ونظراً لما امتاز به هذا النظامُ من انتشار تشكيلاته واتّصالاته السرّيّة المنظّمة، وفّر أرضيّة لحماية الشيعة أيضاً؛ حيث قلّل من تعرّض الحكومة للأشخاص على إثر لقائهم بالإمام عليه‏السلام، أو حال دون تعرّض الجواسيس الساعين وراء اكتشاف الأشخاص المرتبطين بالإمامة.

كما أنّ الأُسلوب النيابيّ لنظام الوكالة في متابعة القضايا المرتبطة بالإمام والأُمّة في زمن حضور الإمام عليه‏السلام أدّى إلى التقليل من مراجعة الشيعة لإمامهم، وهذا يفضي إلى حماية الإمام عليه‏السلام من اتّهامه بتشكيل لجان معارضة، إضافة إلى أنّ قلّة مراجعتهم يتسبّب في حمايتهم من مطاردة رجال الأمن المراقبين لبيت الإمام عليه‏السلام، ولهذا فإنّ جميع المراجعات

1.. رجال الكشيّ : ج ۲ ص ۸۶۵ الرقم ۱۱۲۹.

2.. الكافي: ج ۱ ص ۵۰۰ ح ۵.

3.. الخرائج والجرائح: ج ۲ ص ۶۸۲ ح ۱.

4.. الغيبة للطوسيّ : ص ۲۱۲، رجال الكشيّ : ج ۲ ص ۸۶۳ الرقم ۱۱۲۲.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
298

ثقافيّة أكثر سطوعاً، فأوّلهما صرّح الإمامان العسكريّ والمهديّ عليهماالسلام بوثاقته، ومنحه ذلك زخماً عالياً للإجابة عمّا دار من شبهات ثقافيّة متزايدة؛ وثانيهما أعلن بعد انحراف الشلمغاني وضلالته جوازَ الاستفادة من كتبه التي ألّفها في زمن استقامته، واستند إلى قول الإمام العسكريّ فيما يتعلّق بكتب ابن فضّال، حيث قال: «خُذُوا ما رَوَوا، وذروا ما رَأَوا».۱

وبيّنت أخبار كثيرة مظهرا آخر عكس الوظيفة الثقافيّة لنظام الوكالة، ويتمثّل في إيصال الأسئلة العلميّة لعلماء الشيعة إلى الإمام والعودة بجوابه إليهم، ومن أمثلتها الأسئلة العديدة لمحمّد بن عبد اللّه‏ بن جعفر الحميريّ، وأجوبة الإمام عليه‏السلام عنها.۲

وترتكز الرؤة الشيعيّة ـ وبخاصّة العلماء ـ لمنصب الإمامة على محور علمي ثقافي، ولمّا مثّل الوكلاء حلقة وصل بالإمامة، فقد حازوا منزلة ثقافيّة خاصّة.

جدير بالذكر أنّ الواجب الأساسيّ للفقهاء والمتكلّمين هو حلّ المشاكل العلميّة، ولكن في حالات معيّنة متأزّمة لايتمكّن فيها حتّى العلماء من إيجاد حلول لها، ينزل الوكلاء إلى الميدان ليهيّئوا الأرضيّات الكفيلة بانفراج الأزمات.

۳. المجال السياسيّ الاجتماعيّ

على الرغم من أنّ الوكالة تبدو كنظام اقتصاديّ وثقافيّ للوهلة الأُولى، غير أنّ لخصائصها السياسيّة والاجتماعيّة أهمّية خاصّة.

ففي مرحلة ما بعد بداية غيبة الإمام عليه‏السلام، تولّى نظام الوكالة والنوّاب الخاصّون الزعامة السياسيّة والاجتماعيّة للشيعة بصفتهم وكلاء الإمام وخلفاؤه، وتعدّ قيادة المجتمع الشيعيّ في هذه الحقبة الزمنيّة المعقّدة المتأزّمة أهمّ وظيفة للنوّاب الخاصّين والوكلاء؛ لأنّهم مصدر الثقل الوحيد للمجتمع حينذاك.

1.. راجع: ص ۳۸۴ ح ۶۳۹.

2.. راجع: ج ۳ ص ۵۲ (القسم الخامس / الفصل الثاني / جواب مسائل محمّد بن عبداللّه‏ الحميري).

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14294
صفحه از 518
پرینت  ارسال به