حيث حاز الوكلاء منزلةً أهّلتهم لنيل ثقةِ واطمئنانِ الناس؛ فمثلاً اجتمع كبار الشيعة بعد شهادة الإمام الجواد عليهالسلام في منزل وكيله المعتمد محمّد بن فرج، وتباحثوا في إمامة الإمام الهادي عليهالسلام.۱
وعرض خبرٌ آخر رواه عليّ بن المسيّب العملَ الثقافيّ للوكلاء حيث قال:
قُلتُ لِلرِّضا عليهالسلام: شُقَّتي بَعيدَةٌ، ولَستُ أصِلُ إلَيكَ في كُلِّ وَقتٍ، فَمِمَّن آخُذُ مَعالِمَ ديني؟ فَقالَ:
مِن زَكَرِيّا بنِ آدَمَ القُمِّيِّ المأمونِ عَلَى الدّينِ وَالدُّنيا.
قالَ عَلِيُّ بنُ المُسَيَّبِ: فَلَمَّا انصَرَفتُ قَدِمتُ عَلى زَكَرِيَّا بنِ آدَمَ فَسَأَلتُهُ عَمَّا احتَجتُ إلَيهِ.۲
وسأل أحمدُ بن إسحاق ـ أحد وكلاء الإمام في قم ـ الإمامَ الهادي عليهالسلام عمّن يأخذ العلم منه، ومع من يتعامل، وقول من يقبل؟ فعرّف الإمامُ عثمانَ بن سعيد العَمري وقال:
العَمرِيُّ ثِقَتي، فَما أدّى إلَيكَ فَعَنّي يُؤدّي، وما قالَ لَكَ عَنّي فَعَنّي يَقولُ، فَاسمَع لَهُ وأطِع، فَإِنَّهُ الثِّقَةُ المَأمونُ.۳
وقد بدت المكانة الثقافية للوكلاء القدماء أكثر وضوحاً بعد شهادة الإمام الحسن العسكريّ عليهالسلام، ففي سنة ۲۶۰ه ومع بداية غيبة الإمام المهديّ عليهالسلام، برزت شخصيّة عثمان بن سعيد العَمريّ كوكيل معتمد جدير بإزالة الشكوك والحيرة من المجتمع الشيعيّ، وأفضت مكانته السامية في وكالته عن الإمامين الهادي والعسكريّ عليهماالسلام وارتباطه المباشر بهما، والتوافق العامّ عليه، ودعم علماء الشيعة له، أفضى كلّ ذلك إلى اجتياز المجتمع الشيعيّ لما عصف به من أزمة حادّة.
واكتسب الوكيلان الثاني والثالث (محمّد بن عثمان وحسين بن روح النوبختيّ) صبغة