297
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

حيث حاز الوكلاء منزلةً أهّلتهم لنيل ثقةِ واطمئنانِ الناس؛ فمثلاً اجتمع كبار الشيعة بعد شهادة الإمام الجواد عليه‏السلام في منزل وكيله المعتمد محمّد بن فرج، وتباحثوا في إمامة الإمام الهادي عليه‏السلام.۱

وعرض خبرٌ آخر رواه عليّ بن المسيّب العملَ الثقافيّ للوكلاء حيث قال:

قُلتُ لِلرِّضا عليه‏السلام: شُقَّتي بَعيدَةٌ، ولَستُ أصِلُ إلَيكَ في كُلِّ وَقتٍ، فَمِمَّن آخُذُ مَعالِمَ ديني؟ فَقالَ:

مِن زَكَرِيّا بنِ آدَمَ القُمِّيِّ المأمونِ عَلَى الدّينِ وَالدُّنيا.

قالَ عَلِيُّ بنُ المُسَيَّبِ: فَلَمَّا انصَرَفتُ قَدِمتُ عَلى زَكَرِيَّا بنِ آدَمَ فَسَأَلتُهُ عَمَّا احتَجتُ إلَيهِ.۲

وسأل أحمدُ بن إسحاق ـ أحد وكلاء الإمام في قم ـ الإمامَ الهادي عليه‏السلام عمّن يأخذ العلم منه، ومع من يتعامل، وقول من يقبل؟ فعرّف الإمامُ عثمانَ بن سعيد العَمري وقال:

العَمرِيُّ ثِقَتي، فَما أدّى إلَيكَ فَعَنّي يُؤدّي، وما قالَ لَكَ عَنّي فَعَنّي يَقولُ، فَاسمَع لَهُ وأطِع، فَإِنَّهُ الثِّقَةُ المَأمونُ.۳

وقد بدت المكانة الثقافية للوكلاء القدماء أكثر وضوحاً بعد شهادة الإمام الحسن العسكريّ عليه‏السلام، ففي سنة ۲۶۰ه ومع بداية غيبة الإمام المهديّ عليه‏السلام، برزت شخصيّة عثمان بن سعيد العَمريّ كوكيل معتمد جدير بإزالة الشكوك والحيرة من المجتمع الشيعيّ، وأفضت مكانته السامية في وكالته عن الإمامين الهادي والعسكريّ عليهماالسلام وارتباطه المباشر بهما، والتوافق العامّ عليه، ودعم علماء الشيعة له، أفضى كلّ ذلك إلى اجتياز المجتمع الشيعيّ لما عصف به من أزمة حادّة.

واكتسب الوكيلان الثاني والثالث (محمّد بن عثمان وحسين بن روح النوبختيّ) صبغة

1.. الكافي: ج ۱ ص ۳۲۴ ح ۲.

2.. رجال الكشيّ : ج ۲ ص ۸۵۸ الرقم ۱۱۱۲.

3.. الكافي: ج ۱ ص ۳۳۰ ح ۱ وراجع تمام الحديث في هذه الموسوعة: ج ۳ ص ۲۶۷ ح ۷۹۳.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
296

الوكالة ـ إلى انحرافهم أحياناً، والإغارة على أموال الإمام، وهذا أهمّ عامل لانحراف بعض وكلاء الإمام الكاظم عليه‏السلام وظهور فرقة الواقفيّة.۱

أمّا موارد توزيع الأموال المجموعة من قبل الوكلاء، فقد أشارت إلى بعضها قسم من الأخبار بالنحو الآتي: إعطاء مصاريف السفر من الناحية المقدّسة إلى شخص هنديّ أسلم وتشيّع حديثاً۲، وإرسال كفن أبي عبد اللّه‏ الحائري وتكاليف دفنه من قبل السفير الثاني بتوسّط جعفر بن محمّد بن متيل۳، وإعطاء كفن إلى عليّ بن زياد الصيمريّ۴ وحسن بن نضر القمّيّ من قبل الناحية المقدّسة۵.۶

وذكر خبر آخر دفع رواتب لمجموعة من الطالبيّين۷ في زمن الإمام الحسن العسكريّ عليه‏السلام، واستمرّت بعد شهادته لمن يعتقد بإمامة المهديّ المنتظر عليه‏السلام فقط، وقُطعت عن الآخرين.۸

۲. المجال الثقافي

إذا ما استقطب النهج الماليّ والاقتصاديّ للوكلاء الأنظارَ إليه في المراحل الأُولى، إلاّ أنّ الأعوام الوسطى والمراحل التي تعدّ محطّات تحوّل ـ وبخاصّة السنوات المختومة بعصر الغيبة ـ شهدت نشاطات ثقافيّة لنظام الوكالة أكثر تجلّياً، منها إزالة الشبهات والحيرة من أذهان الناس في الزمن الفاصل ما بين الإمام السابق واللاّحق ـ بعد شهادة الإمام السابق ـ،

1.. الغيبة للطوسيّ : ص ۴۳، رجال الكشيّ : ص ۷۰۶ الرقم ۷۵۹ و ص ۷۶۷ الرقم ۸۸۸.

2.. راجع: ج ۳ ص ۲۴۷ ح ۷۸۰ أبو سعيد غانم.

3.. راجع: ص ۳۷۰ ح ۶۲۲ كمال الدين.

4.. راجع: ج ۳ ص ۲۰۶ ح ۷۴۶ الكافي.

5.. تطلق «الناحية» و«الناحية المقدّسة» و«ناحية الإمامة» على النظام الذي كان يربط الإمام بالاُمّة.

6.. راجع : ج ۳ ص ۱۷۹ ح ۷۱۶ الكافي

7.. وهم أشخاص من أحفاد أبي طالب، ذُكروا هنا لاستحقاقهم الخمس.

8.. الكافي: ج ۱ ص ۵۱۸ ح ۷.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14619
صفحه از 518
پرینت  ارسال به