293
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

الوكلاء الأوائل للإمام صاحب الزمان عليه‏السلام هو كعمل مندوب مالي أو حلقة وصل ماليّة بين الأُمّة والإمام، ولهم واجبات في إطار ضيّق، ولكن مع تعاقب الأيّام واتّساع نظام الوكالة، اتّسع أيضاً نطاق وظائفهم وأعمالهم، ووصلت إلى ذروتها في مرحلة عثمان بن سعيد الوكيل الخاصّ بالإمام الحسن العسكريّ عليه‏السلام، حيث تعيّنت وظائف عديدة للنظام المذكور. وبحثنا هذا يرصد جميع أعمال نظام الوكالة طوال مدّة نشاطه إضافة إلى المئتي عام من عمره.

إنّ أهمّ عمل لنظام الوكالة هو مدّ خطوط الاتّصال بين الشيعة والإمام عليه‏السلام في المجالات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة والسياسيّة. وقد شُيّد هيكل النظام المذكور بحيث يمكنه تيسير الاتّصال بين الإمام عليه‏السلام والشيعة دون قلق وخوف، وتلبية حاجات الشيعة من حضور الإمام عليه‏السلام في المجتمع، ومساعدتهم في أداء الواجبات المعيّنة لهم، فتبنّى إيصال الرسائل الحاوية على أسئلة الشيعة وطلباتهم إلى الإمام عليه‏السلام وإرجاع جوابه إليهم، مع درج توقيعه في نهاية السؤل وفي الورقة ذاتها؛ ولهذا اشتهر جواب الإمام باسم «التوقيع».۱

وتجمع أحياناً رسائل الشيعة بواسطة رسول متنقّل، وتُسلّم إلى مركز نظام الوكالة في مدينة بغداد.

وأُسلوب كتابة الرسائل هذا بدأ منذ عهد الإمام الصادق عليه‏السلام، وشاع مع مرور الزمن حتّى غدا الوسيلة الوحيدة للتواصل في عهد الغيبة الصغرى بين الإمام وشيعته، ولهذا ازدادت نسبة رسائل الأئمّة عليهم‏السلام إذا ما قورنت بمجموع أحاديثهم بتعاقب الأيّام، وبلغت قمّتها في مرحلة الغيبة الصغرى.

ويمكن درج أهمّ مجالات أداء مهامّ نظام الوكالة بالنحو الآتي:

۱. المجال الاقتصادي

ازدادت الواجبات الماليّة للشيعة في هذه المرحلة بسبب الرفاه الاقتصاديّ الذي عاشه

1.. التوقيع: مصدر وقّع؛ ومعناه: ترك أثرا في الشيء. وفي الاصطلاح: هو الإمضاء أو ما يُضاف أو يُلحق بنهاية الورقة من نقش أو كتابة راجع: ج ۳ ص ۹ «القسم الخامس / المدخل».


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
292

فارس بن حاتم القزوينيّ من أعمال ضالّة.۱ وسنقدّم نماذج أُخرى في البحث المتعلّق بالانحرافات ومدّعي الوكالة.۲

۶. الإعداد لمرحلة الغيبة الكبرى

تطلّب إعداد الشيعة للدخول في عصر الغيبة ـ وبخاصّة الكبرى ـ إلى تهيئة مقدّمات وتمارين ومهارات في الاتّصال الاجتماعيّ الشيعيّ، فمثلاً: إحالة أداء بعض المسؤليّات إلى الوكلاء، وإجابة علماء الشيعة على أسئلة الناس وعدم رجوعهم المباشر إلى الإمام عليه‏السلام، والإجابات الخطّيّة عن مسائل الأشخاص والعلماء، وتقليل المقابلات الحضوريّة، وغيرها؛ من جملة الخطوات المتّخذة لإعداد المجتمع الشيعيّ للحياة في عصر الغيبة.

قال مؤّف كتاب إثبات الوصيّة في هذا المجال:

إنّ أبا الحسن صاحب العسكر احتجب عن كثير من الشيعة إلاّ عن عدد يسير من خواصّه، فلمّا اُفضي الأمر إلى أبي محمّد عليه‏السلام كان يكلّم شيعته الخواصّ وغيرهم من وراء الستر، إلاّ في الأوقات التي يركب فيها إلى دار السلطان، وإنّ ذلك إنّما كان منه ومن أبيه قبله مقدّمة لغيبة صاحب الزمان؛ لتألف الشيعة ذلك ولا تنكر الغيبة، وتجري العادة بالاحتجاب والاستتار.۳

كما أنّ شروع الغيبة بمرحلة الغيبة الصغرى وفّر أرضيّة الدخول في مرحلة الغيبة الكبرى الكاملة التي حُذف فيها دَور الوكلاء والنوّاب الخاصّين.

وظائف نظام الوكالة

التدقيق في أسباب تشكيل نظام الوكالة يُزيح الغموض عن وظائف هذا النظام، فأكثر عمل

1.. راجع: المصدر السابق: ج ۲ ص ۸۰۶ الرقم ۱۰۰۲ ـ ۱۰۱۱.

2.. راجع: ص ۴۷۴ (الفصل الرابع / دعاة الوكالة الدّجالون).

3.. إثبات الوصيّة: ص ۲۷۲.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14383
صفحه از 518
پرینت  ارسال به