291
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

بعيداً عن أنظار موظّفي الدولة.

كما ازدادت أوقاف ناحية الإمامة في مناطق مختلفة، بحيث إنّ في بعض الأماكن ـ مثل مدينة قم ـ وُلّي صحابيّ كبير كأحمد بن إسحاق۱ مسؤليّة الأُمور الماليّة للأوقاف. فإدارة شؤن الأوقاف وتنظيمها تتمّ عن طريق نظام الوكالة أيضاً.

۵. ظهور الانحراف

من الآفات التي ظهرت في تاريخ الشيعة: استغلال المنزلة المقدّسة للأئمّة عليهم‏السلام وادّعاء الاتّصال بهم. وقد أشار الإمام الرضا عليه‏السلام إلى هذا الوبال وذكر عدداً من الضالّين الذين ادّعوا كذباً الارتباط بالأئمّة السابقين.۲

وتسبّب استغلال الغلاة في انحراف عدد من أتباع أُولئك الذين ادَعوا أنّهم على ارتباط مع الأئمّة، ولعن الإمام الصادق عليه‏السلام بعضاً من أُولئك الأشخاص ووضّح ضلالتهم.۳

والمراحل اللاّحقة وفّرت أرضيّات أكثر خصباً لإزدياد هذه الدعوات الضالّة نتيجة للتوسعة التي طالت النفوس والمناطق الجغرافيّة، فكلّ شخص ـ وخاصّة من له مكانة اجتماعيّة ـ يمكنه أن يدّعي الاتّصال بالإمام عليه‏السلام، والنتيجة بروز حالة لايمكن التحكّم بها، ولذلك ينبغي أن يُبدّل الاتّصال الاعتباطي غير المنتظم والمقيّد باتّصال منضبط منظّم وبوجوه وهوية معيّنة؛ لكي يجلب ثقة الناس ويزيل الشوائب المحتملة منه ومن المجتمع الشيعيّ.

ونظام الوكالة هو الجهة الوحيدة التي تصدّت للضلالة والانحرافات، فأوصلت مطالب المذهب إلى العلماء عن طريق آمن، وتمكّنت بجدارة من سدّ هذه الثغرة بما لها من منزلة ورفعة بين الناس، فمثلاً وصلتنا أخباركثيرة عن مناهضة نظام الوكالة لما ارتكبه

1.. تاريخ قم: ص ۲۱۱.

2.. راجع: رجال الكشيّ : ج ۲ ص ۵۹۱ الرقم ۵۴۴ و ص ۵۹۰ ش ۵۴۲ و ص ۵۹۳ الرقم ۵۴۹.

3.. راجع: المصدر السابق: ج ۲ ص ۴۸۹ الرقم ۴۰۰.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
290

وتعرّضوا للسجن والنفي، كما في عهد الأئمّة: الكاظم والهادي والعسكريّ عليهم‏السلام، وسعى جواسيس الحكومة للنفوذ بين أصحابهم، وغيرها من مظاهر الظلم التي أُجريت بحقّهم وعقّدت إمكانيّة الاتّصال المباشر بين الشيعة العاديّين وأئمّتهم عليهم‏السلام.

وبلغت تلك الممارسات الاضطهاديّة غاية الشدّة في عهد المنصور وهارون والمتوكّل والمعتضد، فاعتُقِل محمّد بن أبي عمير في حكم هارون لكي يفشي بأسماء الشيعة المرتبطين بناحية الإمامة.

۴. تنوّع الحاجات

رجع الشيعة إلى أئمّتهم عليهم‏السلام في العهود الأُولى لتوجيه الأسئلة إليهم وتلبية حاجاتهم العلميّة، ولكنّ توسّع المجتمع الشيعيّ وتحسّن الأوضاع الثقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، ولّدت أسئلة وأساليب جديدة تختلف عن المرحلة السابقة، وبرزت الحاجة إلى إبلاغ موقف الإمام إلى المجتمع الشيعيّ بأسرع زمن ممكن ومن أكثر الطرق اطمئناناً.

ومن جملة الموضوعات الجديدة: المواقف السياسيّة والثقافيّة والاجتماعيّة للشيعة، حيث تحدث أحياناً ثورات أو تمرّدات ضدّ حكومة الجور بظاهر له ما يبرّره، غير أنّ الإمام ينهى الشيعة عن زجّ أنفسهم في مثل هذه المنازعات أو الجدل الكلاميّ الذي كان سائداً في عهد هارون والمأمون، والذي نهى الإمامُ شيعتَه عن الخوض فيه. فممّا لا شكّ فيه أنّ عدم الارتباط بالإمام أو الاتّصال به في مثل هذه الموارد يسبّب أضراراً على النظام الشيعي؛ لأنّها تفضي إلى سوء ظنّ أكثر للحكومة وعامّة أهل السنّة.

أمر آخر غاية في الأهمّية هو الاتّصال المالي للأشخاص بناحية الإمامة، فتحسّن الأوضاع الماليّة للشيعة أدّى إلى ازدياد الأموال الشرعيّة والتبرّعات المرسلة للإمام عليه‏السلام، واستدعى وجود شخص أمين وجدير بالمسؤليّة ليجمع تلك الأموال ويسلّمها إلى الإمام

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14333
صفحه از 518
پرینت  ارسال به