281
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

واسطة الفيض الإلهي قبل خلق الإنسان

وهنا شبهة أُخرى يمكن أن تُطرح: ما هي واسطة الفيض الإلهيّ قبل خلق الإنسان؟ فإذا كان وجود الإمام يحول دون انهيار نظام العالم، فيجب أن ينهار هذا النظام قبل خلق الإنسان؛ لأنّه لا واسطة لوجود الفيض حينئذٍ؟

ويمكن أن يُجاب عن هذه الشبهة بأنّ عدم العلم لايدلّ على عدم الوجود، فنحن لا نعلم هل من الضروريّ أن لا يكون شيء واسطة كالإنسان الكامل في نزول الفيض الإلهيّ قبل خلق الإنسان؟ ولو كان ضروريّاً فما هي تلك الواسطة؟ لعلّ وجود الإنسان الكامل يمنع من تأثير الفساد الاجتماعيّ في الانهيار الكلّيّ لنظام العالم۱، وبديهيّ أن تنعدم هذه الضرورة قبل خلق الإنسان.

1.. ولكن حتّى مع وجود الإنسان الكامل يسبّب الفساد الاجتماعيّ فساداً جزئيّاً في نظام الأرض، كما يدلّ عليه قوله تعالى: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»سورة الروم: الآية ۴۱ .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
280

فَقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: مَن هُم؟ قالَ عليه‏السلام:

أنَا وَأحَدَ عَشَرَ مِن صُلبي أئِمَّةٌ مُحَدَّثونَ.۱

وورد في تفسير القمّي عند الحديث عن الآية ۴ من سورة القدر:

تَنَزَّلُ المَلائِكةُ و روحُ القُدُسِ عَلى إمامِ الزَّمانِ، ويَدفَعونَ إلَيهِ ما قَد كتَبوهُ مِن هذِهِ الأُمورِ۲.۳

حاجة الفيض الإلهيّ إلى واسطة

يمكن أن يُطرح سؤال هنا، وهو: ما حاجة الفيض الإلهي إلى واسطة؟ ألا يستطيع اللّه‏ عز و جل منح فيضه بدون واسطة كي يكون ضروريّاً على الإمام التوسّط لإيصال فيضه؟

الجواب: إنّ هذا السؤل كمن يستفهم في قوله: أيّ حاجة للّه‏ سبحانه في خلق الشمس من أجل إيجاد الحرارة والضوء؟ ألا يمكنه أيجاد الضوء والحرارة بدون الشمس؟ وأيّ حاجة لنور الشمس وغذاء التربة من أجل تربية النباتات؟ وأيّ حاجة في خلق الأزواج من أجل بقاء الذرّيّة؟ و....

وجواب هذه الأسئلة جميعاً واحد وهو: أنّ السنّة الإلهيّة الثابتة في خلق العالم هي تحقّق كلّ ظاهرة عن طريق مجراها الطبيعيّ؛ لأنّ اللّه‏ سبحانه يأبى أن تجري أُمور العالم إلاّ عن طريق الوسائط.۴

وقبول قانون العلّيّة من أساسه يعني أنّ نزول الفيض إنّما يكون عن طريق الأسباب والعلل، وبناء على هذا فكون الإنسان الكامل واسطة لنزول الفيض الإلهيّ لايضع العقل أمام أيّ مشكلة، بل يتطابق تماماً مع المبادئ العقلية.

1.. الكافي: ج۱ ص ۵۳۲ ح ۱۱، بحار الأنوار: ج ۹۷ ص ۱۵ ح ۲۵.

2.. تفسير القمّي: ج ۲ ص ۴۳۱، بحار الأنوار: ج ۹۷ ص ۱۴ ح ۲۳ وراجع شهر اللّه‏ في الكتاب والسنّة: ص ۴۱۶ ح ۶۵۰.

3.. للاطّلاع على سائر الأحاديث الدالّة على هذا المعنى راجع شهر اللّه‏ في الكتاب والسنّة: ص ۴۰۱ القسم الرابع : ليلة القدر / الفصل الأوّل : فضائلها وخصائصها .

4.. قال الإمام الصادق عليه‏السلام: «أَبَى اللّه‏ُ أن يُجرِي الأشياءَ إلاّ بِالأسبابِ» الكافي: ج ۱ ص ۱۸۳ ح ۷.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14143
صفحه از 518
پرینت  ارسال به