29
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

قالَت حَكيمَةُ: فَلَمّا كانَ بَعدَ أربَعينَ يَوما رُدَّ الغُلامُ، ووَجَّهَ إلَيَّ ابنُ أخي عليه‏السلام فَدَعاني، فَدَخَلتُ عَلَيهِ فَإِذا أنَا بِالصَّبِيِّ مُتَحَرِّكٌ يَمشي بَينَ يَدَيهِ، فَقُلتُ: يا سَيِّدي هذَا ابنُ سَنَتَينِ ! فَتَبَسَّمَ عليه‏السلام ثُمَّ قالَ: إنَّ أولادَ الأَنبِياءِ وَالأَوصِياءِ إذا كانوا أئِمَّةً يَنشَؤونَ بِخِلافِ ما يَنشَأُ غَيرُهُم، وإنَّ الصَّبِيَّ مِنّا إذا كانَ أتى عَلَيهِ شَهرٌ كانَ كَمَن أتى عَلَيهِ سَنَةٌ، وإنَّ الصَّبِيَّ مِنّا لَيَتَكَلَّمُ في بَطنِ اُمِّهِ، ويَقرَأُ القُرآنَ، ويَعبُدُ رَبَّهُ عز و جل، وعِندَ الرِّضاعِ تُطيعُهُ المَلائِكَةُ وتَنزِلُ عَلَيهِ صَباحا ومَساءً.
قالَت حَكيمَةُ: فَلَم أزَل أرى ذلِكَ الصَّبِيَّ في كُلِّ أربَعينَ يَوما، إلى أن رَأَيتُهُ رَجُلاً قَبلَ مُضِيِّ أبي مُحَمَّدٍ عليه‏السلام بِأَيّامٍ قَلائِلَ فَلَم أعرِفهُ، فَقُلتُ لاِبنِ أخي عليه‏السلام: مَن هذَا الَّذي تَأمُرُني أن أجلِسَ بَينَ يَدَيهِ ؟ فَقالَ لي: هذَا ابنُ نَرجِسَ، وهذا خَليفَتي مِن بَعدي، وعَن قَليلٍ تَفقِدوني، فَاسمَعي لَهُ وأَطيعي.
قالَت حَكيمَةُ: فَمَضى أبو مُحَمَّدٍ عليه‏السلام بَعدَ ذلِكَ بِأَيّامٍ قَلائِلَ، وَافتَرَقَ النّاسُ كَما تَرى، ووَاللّه‏ِ إنّي لَأَراهُ صَباحا ومَساءً، وإنَّهُ لَيُنبِئُني عَمّا تَسألونَ عَنهُ فَأُخبِرُكُم، ووَاللّه‏ِ إنّي لاَُريدُ أن أسأَلَهُ عَنِ الشَّيءِ فَيَبدَأُني بِهِ، وإنَّهُ لَيَرِدُ عَلَيَّ الأَمرُ فَيَخرُجُ إلَيَّ مِنهُ جَوابُهُ مِن ساعَتِهِ مِن غَيرِ مَسأَلَتي. وقَد أخبَرَنِي البارِحَةَ بِمَجيئِكَ إلَيَّ وأَمَرَني أن اُخبِرَكَ بِالحَقِّ.
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللّه‏ِ: فَوَ اللّه‏ِ، لَقَد أخبَرَتني حَكيمَةُ بِأَشياءَ لَم يَطَّلِع عَلَيها أحَدٌ إلاَّ اللّه‏ُ عز و جل، فَعَلِمتُ أنَّ ذلِكَ صِدقٌ وعَدلٌ مِنَ اللّه‏ِ عز و جل ؛ لِأَنَّ اللّه‏َ عز و جل قَد أطلَعَهُ عَلى ما لَم يُطلِع عَلَيهِ أحَدا مِن خَلقِهِ.۱

۳۴۶.الغيبة للطوسيّ: أحمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرّازِيُّ، عَن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، عَن حَنظَلَةَ بنِ زَكَرِيّا، قالَ: حَدَّثَني أحمَدُ بنُ بِلالِ بنِ داودَ الكاتِبُ، وكانَ عامِّيّا بِمَحَلٍّ مِنَ النَّصَبِ

1.. كمال الدين : ص ۴۲۶ ح ۲ ، روضة الواعظين : ص ۲۸۲ ، بحار الأنوار : ج ۵۱ ص ۱۱ ح ۱۴ .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
28

حِجابٌ، فَعَدَوتُ نَحوَ أبي مُحَمَّدٍ عليه‏السلام وأَنَا صارِخَةٌ، فَقالَ لي: اِرجِعي يا عَمَّةُ فَإِنَّكِ سَتَجِدينَها في مَكانِها.
قالَت: فَرَجَعتُ فَلَم ألبَث أن كُشِفَ الغِطاءُ الَّذي كانَ بَيني وبَينَها، وإذا أنَا بِها وعَلَيها مِن أثَرِ النّورِ ما غَشّى بَصَري، وإذا أنَا بِالصَّبِيِّ عليه‏السلام ساجِدا لِوَجهِهِ، جاثِيا عَلى رُكبَتَيهِ، رافِعا سَبّابَتَيهِ، وهُوَ يَقولُ: أشهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللّه‏ُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَنَّ جَدّي مُحَمَّدا رَسولُ اللّه‏ِ، وأَنَّ أبي أميرُ المُؤمِنينَ. ثُمَّ عَدَّ إماما إماما إلى أن بَلَغَ إلى نَفسِهِ. ثُمَّ قالَ: اللّهُمَّ أنجِز لي ما وَعَدتَني، وأَتمِم لي أمري وثَبِّت وَطأَتي، وَاملَأِ الأَرضَ بي عَدلاً وقِسطا.
فَصاحَ بي أبو مُحَمَّدٍ عليه‏السلام، فَقالَ: يا عَمَّةُ، تَناوَليهِ وهاتيهِ. فَتَناوَلتُهُ وأَتَيتُ بِهِ نَحوَهُ، فَلَمّا مَثُلتُ بَينَ يَدَي أبيهِ وهُوَ عَلى يَدَيَّ، سَلَّمَ عَلى أبيهِ، فَتَناوَلَهُ الحَسَنُ عليه‏السلام مِنّي وَالطَّيرُ تُرَفرِفُ عَلى رَأسِهِ، وناوَلَهُ لِسانَهُ فَشَرِبَ مِنهُ، ثُمَّ قالَ: اِمضي بِهِ إلى اُمِّهِ لِتُرضِعَهُ ورُدّيهِ إلَيَّ. قالَت: فَتَناوَلَتهُ اُمُّهُ فَأَرضَعَتهُ، فَرَدَدتُهُ إلى أبي مُحَمَّدٍ عليه‏السلام وَالطَّيرُ تُرَفرِفُ عَلى رَأسِهِ، فَصاحَ بِطَيرٍ مِنها فَقالَ لَهُ: اِحمِلهُ وَاحفَظهُ ورُدَّهُ إلَينا في كُلِّ أربَعينَ يَوما، فَتَناوَلَهُ الطَّيرُ وطارَ بِهِ في جَوِّ السَّماءِ وأَتبَعَهُ سائِرُ الطَّيرِ، فَسَمِعتُ أبا مُحَمَّدٍ عليه‏السلام يَقولُ: أستَودِعُكَ اللّه‏َ الَّذي أودَعَتهُ اُمُّ موسى موسى، فَبَكَت نَرجِسُ، فَقالَ لَها: اُسكُتي، فَإِنَّ الرِّضاعَ مُحَرَّمٌ عَلَيهِ إلاّ مِن ثَديِكِ، وسَيُعادُ إلَيكِ كَما رُدَّ موسى إلى اُمِّهِ، وذلِكَ قَولُ اللّه‏ِ عز و جل: «فَرَدَدْنَهُ إِلَى أُمِّهِ كَىْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَ لاَ تَحْزَنَ»۱. قالَت حَكيمَةُ: فَقُلتُ: وما هذَا الطَّيرُ ؟ قالَ: هذا رُوحُ القُدُسِ المُوَكَّلُ بِالأَئِمَّةِ عليهم‏السلام، يُوَفِّقُهُم ويُسَدِّدُهُم ويُرَبّيهِم بِالعِلمِ.

1.. القصص : ۱۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14726
صفحه از 518
پرینت  ارسال به