ثانياً: كثيراً ما يحدث أن يرشد شخص أحداً بعمل حسن دون أن يتلزم هو بذلك العمل، في حين أنّ الأشياء والأئمّة الأطهار ترتبط هدايتهم للبشر باللّه جلّ وعلا، ويستحيل أن يشاهَد عندهم هذه الحالة؛ وهو عدم الالتزام بالقول أو العمل به، فهم العاملون بمبادئ الدين الذي هم قادته وأئمّته، وهم متّصفون بروح معنوية سامية يرشدون بها الناس، ويهدونهم إلى الطريق القويم.
فإذا أراد اللّه سبحانه أن يجعل هداية أُمّة على يد فرد من أفرادها، يربّي ذلك الفرد تربية صالحة تؤهّله للقيادة والإمامة، ولن تجد لسنّة اللّه تبديلاً.
مما تقدّم نستطيع أن نحصل على النتائج التالية:
۱ ـ إنّ النبيّ أو الإمام لكلّ أُمة يمتاز بسموّ روحي وحياة معنويّة رفيعة، وهو يريد هداية الناس إلى هذه الحياة.
۲ ـ بما أنّهم قادة وأئمّة لجميع أفراد ذلك المجتمع، فهم أفضل من سواهم.
۳ ـ إنّ الذي يصبح قائداً للاُمّة بأمر من اللّه تعالى، فهو قائد للحياة الظاهرية والحياة المعنوية معاً، وما يتعلّق بهما من أعمال تسير مع سيره ونهجه.۱
وعلى هذا الأساس، فوظيفة الإمام ليست الإرشاد التشريعيّ للناس فقط لكي ينحصر إرشاده بمرحلة الظهور والحضور، بل في عهدته أيضاً الولاية والقيادة الباطنيّة للناس أيضاً، وبديهيّ أن لا دور لحضور الإمام أو غيبته في ذلك.
ويمكن للأحاديث الحاكية عن انتفاع قلوب أهل الإيمان من علم وأدب الإمام الغائب أن تكون إشارة أيضاً إلى الإمامة الباطنيّة له، مثل هذا الحديث: