ولإثبات هذه القضية قال في كتابه الشيعة في الإسلام:
في عنوان «الإمامة في باطن الأعمال» من مبحث معرفة الإمام:
كما أنّ الإمام قائد وزعيم للاُمّة بالنسبة للظاهر من الأعمال، فهو قائد وزعيم بالنسبة للباطن من الاعتقادات والأعمال أيضاً، فهو الهادي والقائد للإنسانية من الناحية المعنوية نحو خالق الكون وموجده.
لكي تتّضح هذه الحقيقة لا بدّ من مراعاة المقدّمتين التاليتين:
أوّلاً: ليس هناك من شكّ أو تردّد في أنّ الإسلام وسائر الأديان السماوية تصرّح بأنّ الطريق الوحيد لسعادة الإنسان أو شقائه هو ما يقوم به من أعمال حسنة أو سيئة، فالدّين يرشده، كما أن فطرته ـ وهي الفطرة الإلهية ـ تهديه إلى إدراك الحسن والقبيح.
...
وليس هناك أدنى شكّ من أنّ اللّه تعالى يفوق تصوّرنا وما يجول في أذهاننا، ولكنّه لا يتّصف بصفة البشر من حيث التفكير. وليس لهذه الاتّفاقية أن يكون هناك سيّد ومَسود وقائد ومَقود، وأمر ونهي وثواب وعقاب، واقع خارجي سوى في حياتنا الاجتماعية، أمّا الجهاز الإلهي فهو الجهاز الكوني الذي يربط حياة كلّ مخلوق وكائن باللّه الخالق ربطاً وثيقاً.
يستنتج ممّا تقدّم أنّ هناك ارتباطاً بين الأعمال الحسنة والسيّئة من جهة، والحياة الاُخرى بما تمتاز به من خصائص وصفات من جهة اُخرى؛ ارتباطاً واقعياً، تكشف عن سعادة أو شقاء. وبعبارة أوضح: إنّ كلّ عمل من الأعمال الحسنة والسيّئة تولد في الإنسان حقيقة، والحياة الاُخروية ترتبط بهذه الحقيقة ارتباطاً وثيقاً.
وخلاصة القول: إنّ الإنسان يتّصف بحياة باطنية غير الحياة الظاهرية التي يعيشها، والتي تنبع من أعماله، وترتبط حياته الاُخروية بهذه الأعمال والأفعال التي يمارسها في حياته هنا.