27
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

لِتَخدِميني، بَل أنَا أخدِمُكِ عَلى بَصَري. فَسَمِعَ أبو مُحَمَّدٍ عليه‏السلام ذلِكَ، فَقالَ: جَزاكِ اللّه‏ُ يا عَمَّةُ خَيرا. فَجَلَستُ عِندَهُ إلى وَقتِ غُروبِ الشَّمسِ، فَصِحتُ بِالجارِيَةِ وقُلتُ: ناوِليني ثِيابي لِأَنصَرِفَ.
فَقالَ عليه‏السلام: لا يا عَمَّتا، بِيتِي اللَّيلَةَ عِندَنا، فَإِنَّهُ سَيولَدُ اللَّيلَةَ المَولودُ الكَريمُ عَلَى اللّه‏ِ عز و جل، الَّذي يُحيِي اللّه‏ُ عز و جل بِهِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِها، فَقُلتُ: مِمَّن يا سَيِّدي، ولَستُ أرى بِنَرجِسَ شَيئا مِن أثَرِ الحَبَلِ ؟ فَقالَ: مِن نَرجِسَ لا مِن غَيرِها. قالَت: فَوَثَبتُ إلَيها فَقَلَّبتُها ظَهرا لِبَطنٍ فَلَم أرَ بِها أثَرَ حَبَلٍ، فَعُدتُ إلَيهِ عليه‏السلام فَأَخبَرتُهُ بِما فَعَلتُ، فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قالَ لي:
إذا كانَ وَقتُ الفَجرِ يَظهَرُ لَكِ بِهَا الحَبَلُ ؛ لِأَنَّ مَثَلَها مَثَلُ اُمِّ موسى عليه‏السلام، لَم يَظهَر بِهَا الحَبَلُ، ولَم يَعلَم بِها أحَدٌ إلى وَقتِ وِلادَتِها ؛ لِأَنَّ فِرعَونَ كانَ يَشُقُّ بُطونَ الحَبالى في طَلَبِ موسى عليه‏السلام، وهذا نَظيرُ موسى عليه‏السلام.
قالَت حَكيمَةُ: فَعُدتُ إلَيها فَأَخبَرتُها بِما قالَ، وسَأَلتُها عَن حالِها، فَقالَت: يا مَولاتي، ما أرى بي شَيئا مِن هذا، قالَت حَكيمَةُ: فَلَم أزَل أرقُبُها إلى وَقتِ طُلوعِ الفَجرِ، وهِيَ نائِمَةٌ بَينَ يَدَيَّ لا تُقَلِّبُ جَنبا إلى جَنبٍ، حَتّى إذا كانَ آخِرُ اللَّيلِ وَقتَ طُلوعِ الفَجرِ وَثَبَت فَزِعَةً، فَضَمَمتُها إلى صَدري وسَمَّيتُ عَلَيها، فَصاحَ (إلَيَّ) أبو مُحَمَّدٍ عليه‏السلام، وقالَ: اِقرَئي عَلَيها: «إِنَّا أَنزَلْنَهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ» فَأَقبَلتُ أقرَأُ عَلَيها وقُلتُ لَها: ما حالُكِ ؟ قالَت: ظَهَرَ بِيَ الأَمرُ الَّذي أخبَرَكِ بِهِ مَولايَ. فَأَقبَلتُ أقرَأُ عَلَيها كَما أمَرَني، فَأَجابَنِيَ الجَنينُ مِن بَطنِها يَقرَأُ مِثلَ ما أقرَأُ، وسَلَّمَ عَلَيَّ.
قالَت حَكيمَةُ: فَفَزِعتُ لِما سَمِعتُ، فَصاحَ بي أبو مُحَمَّدٍ عليه‏السلام: لا تَعجَبي مِن أمرِ اللّه‏ِ، إنَّ اللّه‏َ عز و جل تَبارَكَ وتَعالى يُنطِقُنا بِالحِكمَةِ صِغارا، ويَجعَلُنا حُجَّةً في أرضِهِ كِبارا. فَلَم يَستَتِمَّ الكَلامُ حَتّى غُيِّبَت عَنّي نَرجِسُ فَلَم أرَها، كَأَنَّهُ ضُرِبَ بَيني وبَينَها


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
26

وإنَّ الحَيرَةَ لا بُدَّ واقِعَةٌ بَعدَ مُضِيِّ أبي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ عليه‏السلام.
فَقُلتُ: يا مَولاتي، هَل كانَ لِلحَسَنِ عليه‏السلام ۱ وَلَدٌ ؟ فَتَبَسَّمَت ثُمَّ قالَت: إذا لَم يَكُن لِلحَسَنِ عليه‏السلام عَقِبٌ، فَمَنِ الحُجَّةُ مِن بَعدِهِ ؟ وقَد أخبَرتُكَ أنَّهُ لا إمامَةَ لِأَخَوَينِ بَعدَ الحَسَنِ وَالحُسَينِ عليهماالسلام. فَقُلتُ: يا سَيِّدَتي، حَدِّثيني بِوِلادَةِ مَولايَ وغَيبَتِهِ عليه‏السلام.
قالَت: نَعَم، كانَت لي جارِيَةٌ يُقالُ لَها: نَرجِسُ، فَزارَنِي ابنُ أخي فَأَقبَلَ يُحدِقُ النَّظَرَ إلَيها، فَقُلتُ لَهُ: يا سَيِّدي لَعَلَّكَ هَوَيتَها، فَاُرسِلُها إلَيكَ ؟ فَقالَ۲: لا يا عَمَّةُ، ولكِنّي أتَعَجَّبُ مِنها. فَقُلتُ: وما أعجَبَكَ مِنها ؟ فَقالَ عليه‏السلام: سَيَخرُجُ مِنها وَلَدٌ كَريمٌ عَلَى اللّه‏ِ عز و جل، الَّذي يَملَأُ اللّه‏ُ بِهِ الأَرضَ عَدلاً وقِسطا، كَما مُلِئَت جَورا وظُلما. فَقُلتُ: فَاُرسِلُها إلَيكَ يا سَيِّدي ؟ فَقالَ: اِستَأذِني في ذلِكَ أبي عليه‏السلام.
قالَت: فَلَبِستُ ثِيابي وأَتَيتُ مَنزِلَ أبِي الحَسَنِ عليه‏السلام: فَسَلَّمتُ وجَلَستُ فَبَدَأَني عليه‏السلام، وقالَ: يا حَكيمَةُ ابعَثي نَرجِسَ إلَى ابني أبي مُحَمَّدٍ. قالَت: فَقُلتُ: يا سَيِّدي عَلى هذا قَصَدتُكَ، عَلى أن أستَأذِنَكَ في ذلِكَ. فَقالَ لي: يا مُبارَكَةُ، إنَّ اللّه‏َ تَبارَكَ وتَعالى أحَبَّ أن يُشرِكَكِ فِي الأَجرِ، ويَجعَلَ لَكِ فِي الخَيرِ نَصيبا.
قالَت حَكيمَةُ: فَلَم ألبَث أن رَجَعتُ إلى مَنزِلي، وزَيَّنتُها ووَهَبتُها لِأَبي مُحَمَّدٍ عليه‏السلام، وجَمَعتُ بَينَهُ وبَينَها في مَنزِلي، فَأَقامَ عِندي أيّاما، ثُمَّ مَضى إلى والِدِهِ عليهماالسلام، ووَجَّهتُ بِها مَعَهُ.
قالَت حَكيمَةُ: فَمَضى أبُو الحَسَنِ عليه‏السلام، وجَلَسَ أبو مُحَمَّدٍ عليه‏السلام مَكانَ والِدِهِ، وكُنتُ أزورُهُ كَما كُنتُ أزورُ والِدَهُ، فَجاءَتني نَرجِسُ يَوما تَخلَعُ خُفّي، فَقالَت: يا مَولاتي ناوِليني خُفَّكِ، فَقُلتُ: بَل أنتِ سَيِّدَتي ومَولاتي، وَاللّه‏ِ لا أدفَعُ إلَيكِ خُفّي لِتَخلَعيهِ ولا

1.. أيِ العسكريِّ عليه‏السلام.

2.. في المصدر : «فقال لها» ، والتصويب من بحار الأنوار .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14735
صفحه از 518
پرینت  ارسال به