الإنسانيّة والإسلاميّة في العالم. ووحده القادر على هزيمة كلّ القوى الشيطانيّة، واجتثاث جذور الظلم والتعدّي في هذه الدنيا، وهدم أبنية الشرك والنفاق، وإحياء الأحكام القرآنية الإلهيّة، وإقامة جميع القيم الإنسانيّة وعلى رأسها العدالة الاجتماعيّة في العالم.
ولكن ينبغي الالتفات ـ كما نوّهنا بذلك ـ إلى أنّه إضافة إلى توفّر أرضيّة عولمة الإسلام، سيحقّق الإمام هذه الأهداف ليس عن طريق الإعجاز والإكراه؛ لأنّ السنّة الإلهيّة جرت على أن لا يكون صلاح الناس بالإكراه، بل يجب أن يتمّ هذا الأمر بوعي واختيار.
الحكمة من غيبة الإمام المهديّ عليهالسلام
يمكن القول مع مراعاة الملاحظات المذكورة أعلاه: يُحتمل بقوّة أنّ الأساس في حكمة غيبة الإمام المهديّ عليهالسلام هو افتقاد الأرضيّة السياسيّة والاجتماعيّة لعولمة الإسلام، ولايمكن لعموم الناس فهم هذه الحكمة إلاّ عند ظهوره فقط، مثلما بيّن الإمام الصادق عليهالسلام الحكمة في الغيبة فقال:
إنَّ وَجهَ الحِكمَةِ في ذلِك لا يَنكشِفُ إلاّ بَعدَ ظُهورِهِ، كما لا يَنكشِفُ وَجهُ الحِكمَةِ لِما أتاهُ الخِضرُ عليهالسلام مِن خَرقِ السَّفينَةِ، وَقَتلِ الغُلامِ، وَإقامَةِ الجِدارِ لِموسى عليهالسلام إلاّ وَقتَ افتِراقِهِما.۱
وبناءً عليه، فجميع ماجاء في تبيين الحكمة من غيبة الإمام المهديّ عليهالسلام في الأحاديث الإسلاميّة وأشرنا إليه في العناوين والروايات السابقة، يرجع بنوع ما إلى هذه الحكمة، أو إلى أمرٍ تمّ بيانه بما يتناسب وفهم المخاطب.
فمثلاً أحد عوامل توفير الأرضيّة السياسيّة لحكومة الإمام المهديّ عليهالسلام العالميّة هو أن يختبر الناس جميع الحكومات المنادية بالعدالة والحرّيّة وحقوق الإنسان، ثمّ يصلون عمليّاً إلى نتيجة هي عدم إمكانيّة تحقيق العدالة في العالم إلاّ بالقيادة الإلهيّة لأهل بيت الرسالة.