245
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

والقضية المهمّة في شمول الإسلام للعالم كلّه هي: هل يتحقّق هذا الأمر عن طريق الإعجاز أم الإكراه؟ أم أنّ المجتمع البشريّ سيعتنق القيم الإسلاميّة عند توفّر الأرضيّات اللاّزمة؟

سنجيب على هذا السؤل في الفقرة الثانية.

۲. دور الإنسان في مصيره ومصير العالم

للإنسان الدور الأوّل في صناعة مصيره ومصير العالم من وجهة نظر الدين الإسلاميّ، وقد ذكر القرآن الكريم هذا بقوله: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ».۱

وبناء عليه، فشموليّة الإسلام في العالم وسيادة القيم الدينيّة على المجتمع ترتكز على إرادة البشر واختيارهم قبل أيّ شيء آخر.

ولو أراد اللّه‏ عز و جل أن يغدو الإسلام عالميّاً عن طريق الإعجاز والإكراه، لكان ذلك في عهد نبوّة خاتم الأنبياء صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، ولكنّه لم يرده ولا يريده: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآََمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤمِنِينَ».۲

وتأسيساً على ذلك فإرادة الإنسان وتوفّر الأرضيّات السياسيّة والاجتماعيّة، لازمتان وضروريّتان لسيادة القيم الدينيّة في العالم، ولكن ينبغي الالتفات إلى أنّه لايمكن الاستفادة من هذا المجال والوصول إلى الحكومة الإسلاميّة العالميّة من دون قائد ربّانيّ مقتدر بوسعه من جميع النواحي أن يحكم العالم ويلبّي حاجات المجتمع البشريّ.

۳. الدور الفريد للإمام المهديّ عليه‏السلام في عولمة الإسلام

يُستكشف من الأحاديث المبيّنة لدور الإمام المهديّ عليه‏السلام في مستقبل الإسلام أنّ هذه الشخصيّة العظيمة هو بقيّة اللّه‏ والذخيرة الأخيرة من القادة الأجلاّء الربّانيّين لعولمة القيم

1.. الرعد: ۱۱.

2.. يونس: ۹۹.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
244

ولا مجدياً لمن لم يرتضِ الإسلام أو أُصول الإمامة والقيادة في هذا المذهب، فعندها ينبغي بدايةً إثبات حقّانية الإسلام ثمّ أُصول الإمامة في هذا المذهب وبعدها يتمّ بيان الحكمة من غيبة الإمام.

وبناء عليه، فمخاطبنا في هذا البحث من يُذعن بأُسس الإمامة وفقاً لمذهب أهل البيت عليهم‏السلام. وسنجيب عن الشبهات العقليّة أو النقليّة للآخرين على مدّعانا إن وجدت استناداً إلى هذا المبنى والأصل الموضوعيّ.

والآن سنشرع بهذا البحث مع مراعاة نطاقه في شرح الحكمة من غيبة الإمام المهديّ عليه‏السلام من منظار أهل البيت عليهم‏السلام.

ثلاث ملاحظات مهمّة لبيان الحكمة من الغيبة

ينبغي الالتفات إلى ثلاث ملاحظات مهمّة لبيان الحكمة من غيبة الإمام المهديّ عليه‏السلام، نذكرها فيما يلي:

۱. عالميّة الإسلام في المستقبل

ينظر القرآن الكريم إلى الإسلام على أنّه دين سيغطّي جميع بقاع العالم، ويتغلّب على جميع الأديان في المستقبل، وأنّ ذلك أمر ضروريّ وقطعيّ ولا مفرّ منه، كما صرّحت بذلك ثلاث آيات قرآنية:

«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ».۱

وأعلن القرآن الكريم بصراحة أنّ اللّه‏ عز و جل وعد الناس في كتاب الزبور بأنّ الصالحين سيحكمون الأرض في يوم ٍ ما، بقوله:

«وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ».۲

1.. التوبة: ۳۳، و الفتح: ۲۸، و الصف: ۹.

2.. الأنبياء: ۱۰۵.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14263
صفحه از 518
پرینت  ارسال به