223
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

حصير ـ قد علمنا أنّه على الماء ـ وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلّي، فلم يلتفت إلينا ولا إلى شيء من أسبابنا. فسبق أحمد بن عبد اللّه‏ ليتخطّى فغرق في الماء، وما زال يضطرب حتّى مددت يدي إليه فخلّصته وأخرجته.۱

وبغضّ النظر عن ضعف سند هذا الخبر وكون مصده من الدرجة الثانية من حيث القوّة، فهو غير مقبول من حيث التاريخ والمضمون؛ لأنّ المعتضد تولّى الحكم سنة ۲۷۹ه؛ أي بعد ۲۴ عاماً من شهادة الإمام العسكريّ عليه‏السلام، كما لم يصرّح الخبر باسم الشخص الموجود في السرداب، بل صرّح بصلاة رجل على حصيرة فوق الماء، في حين أنّ الشيعة يعتقدون بأنّ الإمام المهديّ عليه‏السلام كان طفلاً ذا أربعة أو خمسة أعوام.

نُقل هذا الخبر في كتاب الشيخ الطوسي من دون ذكر للسرداب أو وقوع هذه الحادثة بعد شهادة الإمام الحسن العسكريّ عليه‏السلام، ولذلك لم تتّضح علاقتها بغيبة الإمام المهديّ عليه‏السلام.۲

الافتراء بأنّ ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام من سرداب الغيبة

تتّفق المصادر الحديثيّة للإماميّة على ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام في مدينة مكّة وإلى جوار الكعبة۳، وبناء عليه فإنّ نسبة عقيدة الظهور من سرداب الغيبة هو كذب مطلق. وما يدعو للتأمّل أيضاً أنّ أيّاً ممّن ينسب هذا الكذب إلى الشيعة لم يستند إلى مصدر يدلّ على ادّعائه.

الافتراء بأنّ الإمام عليه‏السلام يعيش في سرداب الغيبة

تصرّح مصادر حديث الشيعة بأنّ عامّة الناس لا يعلمون بمحلّ إقامة الإمام عليه‏السلام في زمن الغيبة الكبرى، كما في حديث روي عن الإمام الصادق عليه‏السلام، إذ قال:

لِلقائِمِ غَيبَتانِ: إحداهُما قَصيرَةٌ، وَالأُخرى طَويلَةٌ؛ الغَيبَةُ الأُولى لا يَعلَمُ بِمَكانِهِ فيها

1.. الخرائج والجرائح: ج ۱ ص ۴۶۰ ح ۵. وفي الصفحة نفسها خبر آخر ولكنّه مخدوش مثل خبر المتن.

2.. راجع: ج ۳ ص ۲۶۴ ح ۷۹۰ الشيخ الطوسي.

3.. راجع: ج ۵ ص ۳۶۳ (القسم الحادي عشر / الفصل الثاني : مكان قيام الإمام المهدي عليه‏السلام).


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
222

يزعمون أنّ الثاني عشر من أئمّتهم ـ وهو محمّد بن الحسن العسكريّ ويلقّبونه المهديّ ـ دخل في سرداب بدارهم في الحلّة وتغيّب حين اعتُقل مع أُمّه وغاب هنالك، وهو يخرج آخر الزمان فيملأ الأرض عدلاً، يشيرون بذلك إلى الحديث الواقع في كتاب الترمذيّ في المهديّ، وهم إلى الآن ينتظرونه ويسمّونه المنتظر لذلك، ويقفون في كلّ ليلة بعد صلاة المغرب بباب هذا السرداب وقد قدّموا مركباً، فيهتفون باسمه ويدعونه للخروج، حتّى تشتبك النجوم، ثمّ ينفضّون ويُرجئون الأمر إلى الليلة الآتية، وهم على ذلك لهذا العهد.۱

ومن أجل إثبات أنّ ما جاء في المصادر المذكورة افتراء على الشيعة الإماميّة، سنبحث موضوع سرداب الغيبة تحت العناوين الآتية:

سرداب الغيبة في المصادر الشيعيّة

أوّل ما يُلفت النظر هو أنّه لم ترد إشارة إلى سرداب الغيبة في المصادر الشيعيّة القديمة المعتبرة إلى القرن الخامس، نعم ورد في بعض مصادر الشيعة من الدرجة الثانية ما يلي:

روي عن رشيق حاجب المادرانيّ قال: بعث إلينا المعتضد [رسولاً] وأمرنا أن نركب ـ ونحن ثلاثة نفر ـ ونخرج مُخِفّين۲ على السروج ونجنب أُخر۳، وقال: الحقوا بسامرّاء، واكبسوا دار الحسن بن عليّ فإنّه توفّي، ومن رأيتم فيها فائتوني برأسه.

فكبسنا الدار كما أمرنا، فوجدنا داراً سِرّيّة كأنّ الأيدي رفعت عنها في ذلك الوقت، فرفعنا الستر وإذا سرداب في الدار الأُخرى، فدخلناه وكأنّ فيه بحر وفي أقصاه

1.. تاريخ ابن خلدون: ج ۱ ص ۱۹۹.

2.. أخَفّ الرجلُ: إذا كان قليل الثَّقَل في سَفَره أو حَضَره لسان العرب : ج ۹ ص ۸۰ «خفف» .

3.. الجَنَب : أن يجنبَ خلف فرسه فرسا آخر عُريا ، فإذا تعب فرسه المركوب تحوّل إلى ذلك الفرس المَجنوب اُنظر: لسان العرب : ج ۱ ص ۲۷۷ «جنب» .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14157
صفحه از 518
پرینت  ارسال به