221
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

وعمدت بعض مصادر أهل السنّة إلى اتّهام معتقدات الشيعة الإمامية بأنّهم يرون أنّ الإمام المهديّ عليه‏السلام يعيش في هذا السرداب۱، أو غاب منه۲، أو سيظهر من هناك۳، وسخروا من عقائد شيعة أهل البيت عليهم‏السلام بشأن الإمام المهديّ عليه‏السلام، فقال ابن خلدون في نقد عقائد الإمامية:

1.. قال ابن الأثير ت۶۳۰ ه.: وفيها [سنة ۲۶۰ ه] ـ توفّي الحسن بن عليّ... وهو أحد الأئمّة الاثني عشر على مذهب الإماميّة، وهو والد محمّد الذي يعتقدونه المنتظر بسرداب سامرّاء الكامل في التاريخ: ج ۴ ص ۴۵۴.

2.. قال ابن تيمية ت۷۲۸ ه.: والمعصوم عند الرافضة الإماميّة الاثني عشريّة: هو الذي يزعمون أنّه دخل سرداب سامرّاء بعد موت أبيه الحسن بن عليّ العسكريّ، سنة ستّين ومئتين، وهو إلى الآن لم يُعرف له خبر، ولاوقع له أحد على عين ولا أثر رأس الحسين، ابن تيميّة: ص ۱۸۴ .
وقال ابن خلّكان (ت۶۸۱ ه.): «أبو القاسم محمّد بن الحسن العسكريّ... وهو صاحب السرداب عندهم، وأقاويلهم فيه كثيرة، وهم ينتظرون ظهوره في آخر الزمان من السرداب بسرّ من رأى... والشيعة يقولون: إنّه دخل السرداب في دار أبيه، وأُمّه تنظر إليه، فلم يعد يخرج إليها، وذلك في سنة خمس وستّين ومئتين، وعمره يومئذٍ تسع سنين (وفيات الأعيان: ج ۴ ص ۱۷۶ الرقم ۵۶۲).
وقال الذهبيّ (ت۷۴۸ ه.): المنتظر الشريف أبو القاسم محمّد بن الحسن العسكريّ... خاتمة الاثني عشر سيّداً الذين تدّعي الإماميّة عصمتهم، ولاعصمة إلاّ لنبيّ. ومحمّد هذا هو الذي يزعمون أنّه الخلف الحجّة، وأنّه صاحب الزمان، وأنّه صاحب السرداب بسامرّاء، وأنّه حيّ لا يموت حتّى يخرج فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً... قلت: ويزعمون أنّ محمّداً دخل سرداباً في بيت أبيه، وأُمّه تنظر إليه، فلم يخرج إلى الساعة منه، وكان ابن تسع سنين، وقيل دون ذلك (سير أعلام النبلاء: ج ۱۳ ص ۱۱۹ ح ۶۰).

3.. قال السمعانيّ ت۵۶۲ ه.: سرّ من رأىّ، وبها السرداب المعروف في جامعها الذي تزعم الشيعة أنّ مهديّهم يخرج منه (الأنساب: ج ۳ ص ۲۰۲).


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
220

عيسى، وَسُنَّةٌ مِن يوسُفَ، وَسُنَّةٌ مِن مُحَمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؛ فَأَمّا مِن موسى فَخائِفٌ يَتَرَقَّبُ....۱

۴ ـ الأحاديث الدالّة على أنّ الأرض لا تخلو من حجّة ظاهر أو غائب، كما في قول الإمام علي لكميل بن زياد النخعي:

بَلى، لا تَخلُو الأَرضُ مِن قائِمٍ بِحُجَّةٍ؛ ظاهِرٍ مَشهورٍ، أو باطِنٍ مَغمورٍ؛ لِئَلاّ تَبطُلَ حُجَجُ اللّه‏ِ وَبَيِّناتُهُ.۲

واستناداً إلى هذه الشواهد والقرائن وما شابهها، نستنتج أنّ الإمام عليه‏السلام يعيش على الأرض وبين الناس، لكنّ اختيار الاحتمال الثاني أو الثالث ـ أي عدم رؤته أو عدم معرفته ـ يحتاج إلى دليل، ولا دليل على تعيين أحدهما دون الآخر، ويمكن أن يصدق الاثنان؛ بمعنى أنّ الإمام عليه‏السلام لا يُرى حيناً ولا يُعرف حيناً آخر.

وتشير بعض الأدلّة السابقة ـ كالدليل الثاني ـ إلى أنّ الإمام عليه‏السلام لا يُرى، وبعضها صامت حيال هذا الأمر، ولهذا فمن الشاقّ تقديم رأي صريح في الموضوع، بل يمكن القول بأنّ الإمام عليه‏السلام لا يُرى مرّة ولا يُعرف مرّة أُخرى.

۲. سرداب الغيبة

يوجد بمدينة سامرّاء في العراق وبجوار صحن الإمامين العسكريّين عليهماالسلام قبو يُعرف بسرداب الغيبة۳.۴

1.. راجع: ص ۱۲۷ ح ۴۷۹.

2.. كمال الدين: ص ۲۹۳ وراجع ص ۲۶۰ ح ۵۹۲ كمال الدين.

3.. السرداب: بناء أرضيّ تحت البيت يُلجأ إليه من حرّ الصيف في المناطق الحارّة.

4.. جُعل الدخول إلى هذا السرداب من داخل الصحن في سامرّاء خلال الأعوام الأخيرة. وضمّ السرداب ثلاث حجرات لصلاة الرجال والنساء تتّصل بممرّات مع بعضها.
وذكر السمعانيّ وياقوت الحمويّ هذا السرداب، في حين لم تذكره النصوص الشيعيّة القديمة. نعم، أشار الشيخ الطوسيّ إلى بيت كبير، والظاهر أنّه مكان غير منزل الإمامين العسكريّين. وجاءت في بعض النصوص إشارة إلى دهليز وبيوت وبيت مستور كأمكنة لاختفاء الأئمّة عليهم‏السلام والمحافظة عليهم راجع: الكافي: ج ۱ ص ۵۱۷ ح۴ والهداية الكبرى: ص ۳۲۹.
وخلال حكومة البويهيّين في القرن الرابع للهجرة جذب الأنظار سرداب حقيقيّ، فقال بعض المعنيّين بأنّ في هذا المكان حوضاً يتوضّأ فيه الأئمّة عليهم‏السلام. فراح الشيعة يأخذون من ترابه للتبرّك به، وأكثروا من حفر هذا المكان حتّى تحوّل بالتدريج إلى ما يشبه سرداب. ثمّ ردم معزّ الدولة هذه الحفرة واستحدث مكاناً بهيئة سرداب ليحافظ على قداسة الموضع، وأعاد بناءه الناصر لدين اللّه‏ سنة ۶۰۶ه. وأحمد خان الدنبلي سنة ۱۲۰۲ه.، وجعله بجانب المسجد الجامع وصحن الإمامين العسكريّين، وآخر إعمار للسرداب حوّله إلى قبو واسع جدّاً (راجع: مزارات أهل البيت عليهم‏السلام وتاريخها وموسوعة العتبات المقدّسة: ج ۱۲ ص ۱۴۰ ـ ۱۴۱) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14350
صفحه از 518
پرینت  ارسال به