217
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.۱

وكتب الطبري في نهاية هذه الآية:

قال أبو جهل: لئن رأيتُ محمّداً ولأفعلنّ! فاُنزلت: «إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنَقِهِمْ أَغْلَلاً»إلى قوله: «فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ»، قال: فكانوا يقولون: هذا محمّد، فيقول: أين هو، أين هو؟ لا يبصره.۲

۲ ـ قال اللّه‏ سبحانه في آية أُخرى: «وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤمِنُونَ بِالآْخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً».۳

وجاء في تفسيرها أنّ جماعة كانوا يؤون النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عند تلاوة القرآن أو الصلاة في الكعبة أو حينما يدعو الناس، ومنعهم اللّه‏ بهذا العمل من أذيّته.۴

۳ ـ وقال اللّه‏ تعالى في قصّة السامريّ: «قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي».۵

قال الطبري في تفسير الآية:

رأى السامريُّ أثرَ فرس جبرئيل عليه‏السلام، فأخذ تراباً من أثر حافره، ثمّ أقبل إلى النار فقذفه فيها، وقال: كن عجلاً جسداً.۶

وبعبارة أُخرى، يقصد المفسّرون أنّ السامريّ رأى ملاك الوحي في حين لم يتمكّن أحد من بني إسرائيل من رؤته.

1.. مجمع البيان: ج ۸ ص ۶۵۰.

2.. تفسير الطبري: ج ۱۲ الجزء ۲۲ ص ۱۵۲.

3.. الإسراء: ۴۵.

4.. مجمع البيان: ج ۶ ص ۶۴۵.

5.. طه: ۹۶.

6.. تفسير الطبري: ج ۹ الجزء ۱۶ ص ۲۰۵.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
216

المجتمع وبين الناس ولايمكنهم رؤته بقدرة اللّه‏ وإعجازه؟ أم أنّهم يرونه ولكنّهم لايعرفونه؟

نقول في الجواب عن هذه التساؤلات: إنّ الاحتمالات الثلاثة كلّها ممكنة، كما أنّ كلاًّ منها حدث في هذا العالم فيما سبق؛ حيث ذكر اللّه‏ سبحانه عيسى عليه‏السلام في القرآن نموذجاً للاحتمال الأوّل، فقال:

«وَمَا قَتلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ».۱

وذكرت الآيات والأخبار التاريخية موارد وقوع الاحتمالين الثاني والثالث أيضا، ونشير فيما يلي إلى عدد منها:

۱ ـ قال اللّه‏ سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: «وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ».۲

روى المفسّرون عن عبد اللّه‏ بن مسعود في تفسير هذه الآية بأنّ قريشاً أحاطت بمنزل رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يبغون قتله، فخرج منه ـ متوجّهاً إلى المدينة ـ وأخذ قبضة من التراب وذرّها على رؤسهم وفي وجوههم فلم يتمكّنوا من رؤته.۳

ونقلوا عن ابن عبّاس أيضاً أنّ قريشاً اجتمعت وقالت: لو أراد محمّد الدخول فسنحمل عليه حملة رجل واحد. ولكنّ الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله دخل وجعل اللّه‏ُ حاجزاً أمام أنظارهم وخلفهم فلم يتمكّنوا من رؤته، فصلّى الرسولُ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وخرج يذرّ التراب على رؤسهم ووجوههم فلم يروه، ولمّا اجتازهم رأت قريشٌ التراب والغبار فقالوا: إنّ هذا لسحر ابن أبي كبشة۴؛ أي

1.. النساء: ۱۵۷ ـ ۱۵۸.

2.. يس: ۹.

3.. مجمع البيان: ج ۸ ص ۶۵۰ .

4.. ابن ابي كبشة رجل من خزاعة خالف قريشاً في عبادتهم للأصنام فلم يعبدها؛ ولهذا حينما دعا الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آلهالناس للتوحيد ونبذ عبادة الأصنام شبّهته قريش بذلك الرجل الذي كان من أجداد أُمّه.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14672
صفحه از 518
پرینت  ارسال به