21
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

وَدَّعتُ أبا مُحَمَّدٍ عليه‏السلام وَانصَرَفتُ إلى مَنزِلي.
فَلَمّا كانَ بَعدَ ثَلاثٍ اشتَقتُ إلى وَلِيِّ اللّه‏ِ، فَصِرتُ إلَيهِم فَبَدَأتُ بِالحُجرَةِ الَّتي كانَت سَوسَنُ فيها، فَلَم أرَ أثَرا ولا سَمِعتُ ذِكرا فَكَرِهتُ أن أسأَلَ، فَدَخَلتُ عَلى أبي مُحَمَّدٍ عليه‏السلام فَاستَحيَيتُ أن أبدَأَهُ بِالسُّؤالِ، فَبَدَأَني فَقالَ:
هُوَ يا عَمَّةُ في كَنَفِ اللّه‏ِ وحِرزِهِ۱، وسِترِهِ وغَيبِهِ، حَتّى يَأذَنَ اللّه‏ُ لَهُ، فَإِذا غَيَّبَ اللّه‏ُ شَخصي وتَوَفّاني، ورَأَيتِ شيعَتي قَدِ اختَلَفوا، فَأَخبِرِي الثِّقاتِ مِنهُم، وَليَكُن عِندَكِ وعِندَهُم مَكتوما، فَإِنَّ وَلِيَّ اللّه‏ِ يُغَيِّبُهُ اللّه‏ُ عَن خَلقِهِ، ويَحجُبُهُ عَن عِبادِهِ، فَلا يَراهُ أحَدٌ حَتّى يُقَدِّمَ لَهُ جَبرَئيلُ عليه‏السلام فَرَسَهُ «لِّيَقْضِىَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً»۲.۳

۳۴۳.الغيبة للطوسيّ: أحمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرّازِيُّ، عَن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، عَن عَلِيِّ بنِ سَميعِ بنِ بَنانٍ، عَن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبِي الدّارِيِّ، عَن أحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَن أحمَدَ بنِ عَبدِ اللّه‏ِ، عَن أحمَدَ بنِ روحٍ الأَهوازِيِّ، عَن مُحَمَّدِ بنِ إبراهيمَ، عَن حَكيمَةَ بِمِثلِ مَعنَى الحَديثِ الأَوَّلِ۴، إلاّ أنَّهُ قالَ:
قالَت: بَعَثَ إلَيَّ أبو مُحَمَّدٍ عليه‏السلام لَيلَةَ النِّصفِ مِن شَهرِ رَمَضانَ سَنَةَ خَمسٍ وخَمسينَ ومِئَتَينِ، قالَت: وقُلتُ لَهُ: يَابنَ رَسولِ اللّه‏ِ، مَن اُمُّهُ؟ قالَ: نَرجِسُ.
قالَت: فَلَمّا كانَ فِي اليَومِ الثّالِثِ اشتَدَّ شَوقي إلى وَلِيِّ اللّه‏ِ، فَأَتَيتُهُم عائِدَةً، فَبَدَأتُ بِالحُجرَةِ الَّتي فيهَا الجارِيَةُ، فَإِذا أنَا بِها جالِسَةٌ في مَجلِسِ المَرأَةِ النُّفَساءِ وعَلَيها

1.. في كَنَفِ اللّه‏ وحِفظه : أي في كَلاءتِهِ وحِرزِهِ وحِفظه ، يكنَفه بالكَلاءةِ وحُسنِ الوِلايَة لسان العرب : ج ۹ ص ۳۰۸ «كنف» .

2.. الأنفال : ۴۲ .

3.. الغيبة للطوسيّ : ص ۲۳۴ ح ۲۰۴ ، بحار الأنوار : ج ۵۱ ص ۱۷ ح ۲۵ .

4.. راجع : الحديث السابق ح ۳۴۲ .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
20

قالَت حَكيمَةُ: فَاستَحيَيتُ مِن أبي مُحَمَّدٍ عليه‏السلام، ومِمّا وَقَعَ في قَلبي، ورَجَعتُ إلَى البَيتِ وأَنَا خَجِلَةٌ، فَإِذا هِيَ قَد قَطَعَتِ الصَّلاةَ وخَرَجَت فَزِعَةً، فَلَقيتُها عَلى بابِ البَيتِ فَقُلتُ: بِأَبي أنتِ وأُمّي هَل تُحِسّينَ شَيئا ؟ قالَت: نَعَم يا عَمَّةُ ! إنّي لَأَجِدُ أمرا شَديدا، قُلتُ: لا خَوفَ عَلَيكِ إن شاءَ اللّه‏ُ تَعالى، وأَخَذتُ وِسادَةً فَأَلقَيتُها في وَسَطِ البَيتِ، وأَجلَستُها عَلَيها وجَلَستُ مِنها حَيثُ تَقعُدُ المَرأَةُ مِنَ المَرأَةِ لِلوِلادَةِ، فَقَبَضَت عَلى كَفّي وغَمَزَت۱ غَمزَةً شَديدَةً، ثُمَّ أنَّت أنَّةً وتَشَهَّدَت، ونَظَرتُ تَحتَها، فَإِذا أنَا بِوَلِيِّ اللّه‏ِ صَلَواتُ اللّه‏ِ عَلَيهِ مُتَلَقِّيا الأَرضَ بِمَساجِدِهِ۲، فَأَخَذتُ بِكَتِفَيهِ فَأَجلَستُهُ في حِجري، فَإِذا هُوَ نَظيفٌ مَفروغٌ مِنهُ.
فَناداني أبو مُحَمَّدٍ عليه‏السلام: يا عَمَّةُ هَلُمّي فَأْتيني بِابني، فَأَتَيتُهُ بِهِ، فَتَناوَلَهُ، وأَخرَجَ لِسانَهُ فَمَسَحَهُ عَلى عَينَيهِ فَفَتَحَها، ثُمَّ أدخَلَهُ في فيهِ فَحَنَّكَهُ، ثُمَّ أدخَلَهُ في اُذُنَيهِ، وأَجلَسَهُ في راحَتِهِ اليُسرى، فَاستَوى وَلِيُّ اللّه‏ِ جالِسا، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلى رَأسِهِ وقالَ لَهُ: يا بُنَيَّ انطِق بِقُدرَةِ اللّه‏ِ، فَاستَعاذَ وَلِيُّ اللّه‏ِ عليه‏السلام مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ وَاستَفتَحَ:
بِسمِ اللّه‏ِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ: «وَ نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِى الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَ رِثِينَ * وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِى الْأَرْضِ وَ نُرِىَ فِرْعَوْنَ وَ هَمَنَ وَ جُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ»، وصَلّى عَلى رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وعَلى أميرِ المُؤمِنينَ وَالأَئِمَّةِ عليهم‏السلام واحِدا واحِدا، حَتَّى انتَهى إلى أبيهِ. فَناوَلَنيهِ أبو مُحَمَّدٍ عليه‏السلام، وقالَ: يا عَمَّةُ، رُدّيهِ إلى اُمِّهِ حتّى «تَقَرَّ عَيْنُهَا وَ لاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ»۳. فَرَدَدتُهُ إلى اُمِّهِ وقَدِ انفَجَرَ الفَجرُ الثّاني، فَصَلَّيتُ الفَريضَةَ وعَقَّبتُ۴ إلى أن طَلَعَتِ الشَّمسُ، ثُمَّ

1.. الغَمر : العَصرُ والكَبسُ باليد النهاية : ج ۳ ص ۳۸۵ «غمز» .

2.. المَساجِدُ : هي مواضع السجود من الإنسان : الجبهة والأنف والركبتان واليدان والرجلان مجمع البحرين : ج ۲ ص ۸۱۷ « سجد » .

3.. القصص : ۱۳ .

4.. عَقَّبَ : أي أقام في مصلاّه بعدما يفرغ من الصلاة ( النهاية : ج ۳ ص ۲۶۷ « عقب » ) . ويشتغل بقراءة الأدعية والأوراد والأذكار وقراءة القرآن .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14769
صفحه از 518
پرینت  ارسال به