191
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

بالغيبة المطلقة.۱

۲. الإحالة إلى العلماء

واحدة من حاجات الشيعة إلى الإمام تتمثّل في الإجابة عن الأسئلة الفقهيّة والاعتقاديّة وكلّ ما يتعلّق بحياتهم الأُخرويّة، وعمل الأئمّة عليهم‏السلام على رفع تلك الحاجات خلال قرنين ونصف من حضورهم، وخلّفوا تراثاً علميّاً عظيماً، ووضعوا أُصول العلم، وعلّموا المسلمين طرق التفريع والاستنتاج، وعلّموا أصحابهم الكبار أساليب الاجتهاد المنطقيّ وأعدّوهم شيئاً فشيئاً ليحلّوا محلّهم، ووجّهوا الشيعة بالتدريج نحوهم، وبهذا النحو اكتفى الشيعة بأنفسهم لقرون عديدة، لا أقلّ في المسائل الشخصيّة والاجتماعيّة غير الشديدة وغير المعقّدة.

لقد جعل التراث العلميّ الجليل للأئمّة عليهم‏السلام، والمشروعيّة المكتسبة من إحالاتهم، والقدرة على تعلّم الاجتهاد، كلّ ذلك جعل العلماء العدول من الشيعة خلفاء جديرين في توضيح المسائل العلميّة وإقناع الناس، وعيّن الواجب العمليّ للشيعة في عصر الغيبة. وبلغت هذه الخلافة نتيجتها بنحو تدريجيّ وغاية في الهدوء.

ويمكن العثور على منابع هذا الاتّجاه التاريخيّ العظيم في حديث الإمام عليّ عليه‏السلام حين قال على منبر الكوفة:

إن غابَ عَنِ النّاسِ شَخصُهُم... فَلَم يَغِب عَنهُم قَديمُ مَبثوثِ عِلمِهِم.۲

واعتبر الإمام الحسين عليه‏السلام العلماء مسؤلين عن القيام بحقّ اللّه‏، ومجاري الأُمور والأحكام على أيديهم.۳

وقال الإمام الباقر أيضاً لأبان بن تغلب:

1.. راجع: رازداران حريم اهل بيت عليهم‏السلام بالفارسيّة: ص ۵۳ ـ ۶۰.

2.. راجع: ص ۲۵۸ ح ۵۸۹.

3.. تحف العقول: ص ۲۳۸.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
190

للإجابة عن الأسئلة وحلّ المشاكل العلميّة.

۱. تنصيب الوكلاء الخاصّين

مع ازدياد التوسعة الاقتصاديّة للمجتمع الإسلاميّ في بداية القرن الثاني للهجرة، اتّسعت العلاقة الماليّة بين الأئمّة والشيعة، فنصّبوا عليهم‏السلام وكلاء لإدارة الأُمور الماليّة لشيعتهم، وشرحوا لهم مسائل الخمس والزكاة والموارد الأُخرى لإخراج الأموال، وجعلوهم خلفاء لهم في جمعها وإرسالها وتوزيعها.۱

وأُولئك الوكلاء ثقات يطمئنّ لهم الناس، بل هم من العلماء أحياناً، ولاسيّما في المناطق البعيدة في المجتمع الإسلاميّ، وعملوا على تأمين حاجة الناس ومتطلّباتهم في مجال الاتّصال المالي مع الإمام عليه‏السلام، وكذلك في الأوقاف والصدقات.

استقرّ نظام الوكالة تدريجيّاً منذ عهد الإمام الصادق عليه‏السلام ۲، واشتدّ أزره سريعاً بسبب الاعتقال الطويل للإمام الكاظم عليه‏السلام والرقابة الشديدة عليه، وأفصح عن جوانبه العمليّة في عهد الإمامين الهادي والعسكريّ عليهماالسلام ؛ للقيود الشديدة المفروضة على الاتّصال بهما، وفتح طريقاً سالكاً لتقبّل غيبة الإمام المهديّ عليه‏السلام الذي استعان بهذا النظام واستخدمه أيضاً، فعيّن وكلاءه الخاصّين في عهد الغيبة، وبتوسّطهم نظّم اتّصالاته بالناس، وبعد مدّة قطع اتّصاله مع وكلائه، وأعدّ الشيعة للاعتقاد بالإمام الغائب، واتّباع الأوامر غير المباشرة للزعيم المختفي.

ذُكر أشخاص آخرون إلى جانب الوكلاء باسم «أبواب الأئمّة عليهم‏السلام» وهم من خواصّهم عليهم‏السلام وأقرب المقرّبين إليهم، فحينما تحول الاعتقالات والضغوط السياسيّة دون حضور الأئمّة عليهم‏السلام في المجتمع، يغدو الوكلاء نوافذ لاتّصال الناس بالمعصومين، ويُعتبر هذا الأمر إعداداً عمليّاً للشيعة من أجل مضاعفة تحمّلهم لفقدان الإمام. وأخيراً تمكّن هذا النظام بواسطة أربعة نوّاب خاصّين لصاحب الزمان عليه‏السلام من اجتياز مرحلة التواجد الدائم للالتحاق

1.. راجع: ص ۲۸۵ (القسم الرابع / الفصل الأوّل: نظام الوكالة في عهد أئمّة أهل البيت عليهم‏السلام).

2.. راجع: تاريخ سياسى غيبت امام بالفارسيّة: ص ۱۳۴.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14301
صفحه از 518
پرینت  ارسال به