189
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

د ـ الاختلافات والمشاحنات

من الأحداث الأُخرى لعصر الغيبة: الاختلافات والمشاحنات، وقد حذّر الأئمّة عليهم‏السلام شيعتهم منها، وأشاروا إلى أنّها من وقائع ما قبل ظهور القائم عليه‏السلام، وإلغاؤها هو أحد أهداف قيامه.

والإمام الحسن عليه‏السلام من أوائل الذين أخبروا باختلاف الشيعة ومشاحناتهم في عصر الغيبة، فقال:

لا يَكونُ هذَا الأَمرُ الَّذي تَنتَظِرونَ حَتّى يَبرَأَ بَعضُكُم مِن بَعضٍ، ويَلعَنَ بَعضُكُم بَعضاً، ويَتفُلَ بَعضُكُم في وَجهِ بَعضٍ.۱

وبيّن الإمام الصادق عليه‏السلام أيضاً الخبر والحدث نفسه بألفاظ مشابهة.۲

ويمكن اعتبار نشوء هذه الخلافات من أهواء ورغبات بعض المدّعين والساعين وراء الرئاسة، وتفضي إلى ظهور دعاة ورفع رايات مختلفة، كلّ يدعو الناس إلى نفسه ويهزّ راية غطرسته وينهاهم عن غيره، ويدعو أشياعه للاشتباك والاصطدام مع أتباع منافسه. وقد ذكّرت أحاديث المعصومين عليهم‏السلام وتنبّؤتهم بهذه الانحرافات واختلاط الدعاة الصادقين بالكاذبين۳، كما قدّمت لنا سبل تمييز الدعاة الصادقين عن الكاذبين، ومنها: اختبار المدّعين بأسئلة لا يعرف أجوبتها سوى الأئمّة المرتبطين بالغيب وعالم الملكوت.۴

ثانيا: خطوتان جانبيّتان مساعدتان

إلى جانب إجراءات أهل البيت عليهم‏السلام الأساسيّة والعلميّة، قدّموا خطوتين تساعد على التهيئة الذهنيّة والاجتماعيّة للشيعة، إحداهما: تنصيب الوكلاء، والأُخرى: الإحالة إلى العلماء والرواة الفقهاء (خبراء الدين). وأكثر ما يستفاد من الأُولى لتدبير الأُمور الماليّة، ومن الثانية

1.. راجع: ص ۲۰۰ ح ۵۰۸.

2.. راجع: ج ۵ ص ۱۰۵ ح ۱۳۰۱ الكافي وص ۱۰۶ ح ۱۳۰۴ (كمال الدين) .

3.. راجع: ج ۵ ص ۹۷ (القسم العاشر / الفصل الثاني / قيام الدّعاة الكذبة).

4.. راجع: الكافي: ج ۱ ص ۳۴۰ ح ۲۰، وفيه: «إِذَا ادَّعاهَا مُدَّعٍ، فَاسأَلُوهُ عَن أَشيَاءَ يُجِيبُ فِيهَا مِثلَهُ» وفي ص ۳۴۳ باب «ما يفصل به بين دعوى المحقّ والمبطل في أمر الإمامة».


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
188

ظاهرة الغيبة ومجابهة الحركات الضالّة والمشكّكين. وقد ذكر الكلينيّ في كتابه الكافي۱ عدّة أحاديث تبيّن أضرار اليأس والفتنة في هذا العصر.

ج ـ البلاء والمحنة

عرّف أئمّةُ الشيعة عليهم‏السلام عهد الغيبة بأنّه زمن المصاعب والكلام المسموم وطعنات الألسن، وأعدّوا شيعتهم لتحمّل البلاء، فوصف الإمامُ الحسين عليه‏السلام مصاعب عهد غيبةِ صاحب الزمان عليه‏السلام قائلاً:

لَهُ غَيبَةٌ يَرتَدُّ فيها أقوامٌ ويَثبُتُ فيها عَلَى الدّينِ آخَرونَ، فَيُؤَونَ ويُقالُ لَهُم: «مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»۲.۳

ودعا الإمام الحسين عليه‏السلام أصحابه ـ في تكملة حديثه ـ إلى الصبر والتحمّل حيال هذه الأقوال اللاّذعة والمسمومة، وذكّر أُسلوبه الجميل بنزول جزيل الأجر من اللّه‏ عز و جل على الصابر بحكمةٍ أمام الهجوم الإعلاميّ للعدوّ الذي لايقلّ عن الصمود بوجه أسلحته، فقال:

أما إنَّ الصّابِرَ في غَيبَتِهِ عَلَى الأَذى وَالتَّكذيبِ بِمَنزِلَةِ المُجاهِدِ بِالسَّيفِ بَينَ يَدَي رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.۴

ويُشاهد هذا التشبيه الجميل في قول الإمام زين العابدين عليه‏السلام أيضاً، فوصف الشيعة المؤنين والمنتظرين لظهور الإمام صاحب الزمان عليه‏السلام بالمخلصين الحقيقيّين والصادقين والداعين إلى اللّه‏ في السرّ والعلانية.۵

ونشير هنا إلى أنّه يمكن تشبيه طعنات لسان الجهلاء بالهجمات الإعلاميّة للعدوّ في عالم اليوم.

1.. راجع: الكافي: ج ۱ ص ۳۶۹، باب «التمحيص والامتحان» .

2.. يونس: ۴۸.

3.. راجع: ص ۲۰۱ ح ۵۱۰.

4.. المصدر السابق.

5.. راجع: ص ۲۰۱ ح ۵۱۱ كمال الدين.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14078
صفحه از 518
پرینت  ارسال به