187
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

وذكر الإمام الكاظم عليه‏السلام التعبيرَ نفسه معتبراً هذا الوضعَ امتحاناً إلهيّاً للعباد، فقال:

لابُدَّ لِصاحِبِ هذَا الأَمرِ مِن غَيبَةٍ حَتّى يَرجِعَ عَن هذَا الأَمرِ مَن كانَ يَقولُ بِهِ، إنَّما هِيَ مِحنَةٌ مِنَ اللّه‏ِ عز و جل امتَحَنَ بِها خَلقَهُ.۱

ونشهد اليوم بعد قرون متمادية تحقّق هذه التنبّؤت، وآخر سلسلة منها تنبّأت بالحيرة والضلالة ما جاء عن الأب الجليل للإمام صاحب الزمان؛ الإمام الحسن العسكريّ عليه‏السلام، في قوله:

أما إنَّ لَهُ غَيبَةً يَحارُ فيهَا الجاهِلونَ، ويَهلِكُ فيهَا المُبطِلونَ، ويَكذِبُ فيهَا الوَقّاتونَ.۲

ب ـ الفتنة واليأس

يعتبر وصف عصر الغيبة بزمن الفتنة واليأس قسماً آخر من إعداد الشيعة لإدراك الأخطار المحيقة بتلك المرحلة العسيرة واجتيازها؛ فالفتنة أو الأجواء المشوبة بالشبهات تحول دون أن يختار كثير من الناس النهج الحقيقيّ في زمن غيبة الإمام المهديّ عليه‏السلام، واليأس يتسبّب في نفي روح الانتظار من المجتمع. و تعتمد استراتيجيّة مواجهته على التثقيف وإلهام روح الأمل، قال الإمام الباقر عليه‏السلام:

وقالَ النّاسُ: ماتَ القائِمُ أو هَلَكَ، بِأَيِّ وادٍ سَلَكَ؟! وقالَ الطّالِبُ: أنّى يَكونُ ذلِكَ وقَد بُلِيَت عِظامُهُ؟! فَعِندَ ذلِكَ فَارجوهُ.۳

كما أنّ الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام العسكريّ عليهم‏السلام تنبّؤا بهذه الحيرة أيضاً۴ وحذّروا من السقوط في وادي الحيرة والتهلكة.

وأسهمت هذه التحذيرات الدقيقة في إعداد وتوعية المعتقدين بنظام الإمامة لمواجهة

1.. راجع: ص ۲۰۵ ح ۵۱۸.

2.. راجع: ص ۲۰۹ ح ۵۲۳.

3.. راجع: ص ۲۰۴ ح ۵۱۳.

4.. راجع: ص ۲۰۴ ح ۵۱۴ كمال الدين و ص ۲۰۵ ح ۵۱۸ (الكافي) و ص ۲۰۹ ح ۵۲۳ (كمال الدين).


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
186

وأوصى الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بالتمسّك بالدين للوقوف حيال هذه الأزمة، فطلب من أُمّته ألاّ يفسحوا مجالاً لتسلّل الشكّ والتذبذب إلى نفوسهم؛ كي لا يعثر الشيطان على منفذ لاختراق قلوبهم وإخراجهم عن جادّة الدين:

والَّذي بَعَثَني بِالحَقِّ بَشيراً! لَيَغيبَنَّ القائِمُ مِن وُلدي بِعَهدٍ مَعهودٍ إلَيهِ مِنّي، حَتّى يَقولَ أكثَرُ النّاسِ: ما للّه‏ِِ في آلِ مُحَمَّدٍ حاجَةٌ، ويَشُكُّ آخَرونَ في وِلادَتِهِ، فَمَن أدرَكَ زَمانَهُ فَليَتَمَسَّك بِدينِهِ، ولا يَجعَل لِلشَّيطانِ إلَيهِ سَبيلاً بِشَكِّهِ فَيُزيلَهُ عَن مِلَّتي، ويُخرِجَهُ مِن ديني، فَقَد أخرَجَ أبَوَيكُم مِنَ الجَنَّةِ مِن قَبلُ، وإنَّ اللّه‏َ عز و جل جَعَلَ الشَّياطينَ أولِياءَ لِلَّذينَ لا يُؤمِنونَ.۱

كما أشار الإمام عليّ عليه‏السلام بدرايةٍ إلى هذه الإصابة الخطيرة، فقال في جواب الأصبغ بن نباتة:

فَكَّرتُ في مَولودٍ يَكونُ مِن ظَهري؛ الحادي عَشَرَ مِن وُلدي، هُوَ المَهدِيُّ يَملَؤها عَدلاً كما مُلِئَت جَوراً وَظُلماً، تَكونُ لَهُ حَيرَةٌ وَغَيبَةٌ، يَضِلُّ فيها أقوامٌ وَيَهتَدي فيها آخَرونَ.۲

وأكّد الإمام عليّ عليه‏السلام في حديث آخر له مع الأصبغ بن نباتة على نبوءة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فقال:

أما لَيَغيبَنَّ حَتّى يَقولَ الجاهِلُ: ما للّه‏ِِ في آلِ مُحَمَّدٍ حاجَةٌ.۳

وذكر الإمام الحسين عليه‏السلام ـ بأُسلوب أكثر صراحة ـ ارتدادَ بعض الأقوام، فقال:

لَهُ غَيبَةٌ يَرتَدُّ فيها أقوامٌ وَيَثبُتُ فيها عَلَى الدّينِ آخَرونَ.۴

1.. راجع : ص ۱۹۶ ح ۵۰۳.

2.. راجع: ص ۱۹۸ ح ۵۰۵.

3.. راجع: ص ۱۹۸ ح ۵۰۶.

4.. راجع: ص ۲۰۱ ح ۵۱۰.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14537
صفحه از 518
پرینت  ارسال به