185
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

وعلم الأئمّة أنّ الفتن والفوضى والحوادث المفجعة ستلحق الأذى بشيعتهم، وتجرّ بعضهم إلى الحيرة والضلالة، وبعض آخر إلى إنكار الإمام، ولايبقى منهم إلاّ مجموعة صامدة على خطّ الولاية، متمسّكة بإمام العصر والزمان عليه‏السلام في متقلّب الاعتقادات؛ لأنّ الوعي بالصعوبات يقلّل من آلامها ويزيد من استعدادها على تحمّله، وقدرتها على مجابهة آثاره.

أ ـ الحيرة والضلالة

من أخطر أضرار الغيبة الطويلة هو توفير أرضيّة الشكّ في أصل وجود الإمام، وخلق إحساس زائف بعدم حاجة الإنسان إلى حضوره، فأخبر الأئمّة المعصومون عن هذا الضلال والزلل وسعوا إلى نجاة المؤنين بالإمامة من السقوط في هذه الهاوية.

والرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أوّل من أشار إلى ضلال الناس في عهد غيبة الإمام المهديّ عليه‏السلام، فقال:

تَكونُ لَهُ غَيبَةٌ وحَيرَةٌ حَتّى تَضِلَّ الخَلقُ عَن أديانِهِم.۱

وقال في حديث آخر:

تَكونُ لَهُ غَيبَةٌ وحَيرَةٌ تَضِلُّ فيهَا الأُمَمُ.۲

وبيّن اتّساع رقعة الشكّ لدى الناس حتّى تشمل ولادة الإمام المهديّ عليه‏السلام ووجوده، فقال:

حَتّى يَقولَ أكثَرُ النّاسِ: ما للّه‏ِِ في آلِ مُحَمَّدٍ حاجَةٌ! ويَشُكّ آخَرونَ في وِلادَتِهِ.۳

وردّ الإمام الصادق عليه‏السلام الإحساسَ الزائف بعدم الحاجة إلى أهل البيت في قوله الآتي:

أما وَاللّه‏ِ لَيَغيبَنَّ عَنكُم مَهدِيُّكُم حَتّى يَقولَ الجاهِلُ مِنكم: ما للّه‏ِِ في آلِ مُحَمَّدٍ حاجَةٌ! ثُمَّ يُقبِلُ كالشِّهابِ الثاقِبِ.۴

1.. راجع: ص ۱۹۵ ح ۵۰۱ .

2.. راجع: ص ۱۹۶ ح ۵۰۲ .

3.. راجع: ص ۱۹۶ ح ۵۰۳ .

4.. راجع: ص ۲۰۴ ح ۵۱۴ .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
184

الزمنيّة، فعيّنوا بداية الغيبة ووضّحوا كيفيّتها بأنّ الغيبة تبدأ محدودة۱ وتزداد وتيرتها لتصل إلى الغيبة الطويلة.

وأكّد الأئمّة عليهم‏السلام وقوع كلا الغيبتين، وأطلقوا على الأُولى منهما الغيبة القصيرة، وعلى الثانية اسم الغيبة الطويلة.۲ والأمر الجدير بالاهتمام هو أنّ مدّة الغيبة الأُولى امتدّت إلى ۶۹ عاماً، وهي العمر الطبيعي للإنسان، ولهذا أكّد الأئمّة عدّة مرّات وبإصرار على إزالة شبهة وفاة الإمام صاحب الزمان عليه‏السلام في نهاية هذه الفترة حتّى ظهوره وقيامه وتغييره العالم ليملأه قسطاً وعدلاً بعد أن مُلئ ظلماً وجوراً.

وفي نهاية الغيبة الصغرى أخبر الإمام المهديّ عليه‏السلام بنفسه آخرَ نائب خاصّ له ـ وهو عليّ بن محمّد السمّريّ ـ بوقوع الغيبة الثانية واستمرار أمدها.۳

وذكّر كثير من أحاديث الأئمّة عليهم‏السلام بطول الغيبة وصرّحت به۴، كما أنّ تعبير الأئمّة عن عهد الغيبة بالفترة وتشبيهها بفترة الرسل يمكن أن يُقصد به طول أمدها.۵

۳. آفات عهد الغيبة

اختصّ قسم كبير من تنبّؤت الأئمّة عليهم‏السلام بالإعداد لمواجهة الحوادث الشاقّة في عهد الغيبة، كما جاء جزء مهمّ من التمهيدات لكي يصون الشيعة من زلل أقدامهم وعدم نسيانهم للإمامة في عصر الغيبة.

1.. راجع: ص ۲۰۴ (إخبار الإمام الصادق عليه‏السلام عن غيبة المهديّ عليه‏السلام) و ص ۲۱۱ (له غيبتان: أحدهما قصيرة والاُخرى طويلة) و...

2.. راجع: ص ۲۱۱ (له غيبتان: أحدهما قصيرة والاُخرى طويلة) والغيبة للنعمانيّ : ص ۱۷۱ ح ۳ وص ۱۷۲ ـ ۱۸۳ ح ۶ ـ ۹.

3.. راجع: ص ۴۰۰ ح ۶۵۷ كمال الدين.

4.. راجع: ص ۱۹۸ ح ۵۰۷ (كمال الدين) و ص ۲۰۳ (إخبار الإمام الباقر عليه‏السلام عن غيبة المهديّ عليه‏السلام) وص ۲۱۰ (له غيبة طويلة) و... .

5.. الكافي: ج ۱ ص ۳۴۱ ح ۲۱.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14120
صفحه از 518
پرینت  ارسال به