وعلم الأئمّة أنّ الفتن والفوضى والحوادث المفجعة ستلحق الأذى بشيعتهم، وتجرّ بعضهم إلى الحيرة والضلالة، وبعض آخر إلى إنكار الإمام، ولايبقى منهم إلاّ مجموعة صامدة على خطّ الولاية، متمسّكة بإمام العصر والزمان عليهالسلام في متقلّب الاعتقادات؛ لأنّ الوعي بالصعوبات يقلّل من آلامها ويزيد من استعدادها على تحمّله، وقدرتها على مجابهة آثاره.
أ ـ الحيرة والضلالة
من أخطر أضرار الغيبة الطويلة هو توفير أرضيّة الشكّ في أصل وجود الإمام، وخلق إحساس زائف بعدم حاجة الإنسان إلى حضوره، فأخبر الأئمّة المعصومون عن هذا الضلال والزلل وسعوا إلى نجاة المؤنين بالإمامة من السقوط في هذه الهاوية.
والرسول صلىاللهعليهوآله أوّل من أشار إلى ضلال الناس في عهد غيبة الإمام المهديّ عليهالسلام، فقال:
تَكونُ لَهُ غَيبَةٌ وحَيرَةٌ حَتّى تَضِلَّ الخَلقُ عَن أديانِهِم.۱
وقال في حديث آخر:
تَكونُ لَهُ غَيبَةٌ وحَيرَةٌ تَضِلُّ فيهَا الأُمَمُ.۲
وبيّن اتّساع رقعة الشكّ لدى الناس حتّى تشمل ولادة الإمام المهديّ عليهالسلام ووجوده، فقال:
حَتّى يَقولَ أكثَرُ النّاسِ: ما للّهِِ في آلِ مُحَمَّدٍ حاجَةٌ! ويَشُكّ آخَرونَ في وِلادَتِهِ.۳
وردّ الإمام الصادق عليهالسلام الإحساسَ الزائف بعدم الحاجة إلى أهل البيت في قوله الآتي:
أما وَاللّهِ لَيَغيبَنَّ عَنكُم مَهدِيُّكُم حَتّى يَقولَ الجاهِلُ مِنكم: ما للّهِِ في آلِ مُحَمَّدٍ حاجَةٌ! ثُمَّ يُقبِلُ كالشِّهابِ الثاقِبِ.۴