وعدّت الغيبة حادثة تتّسع للانتظار والترقّب، ثمّ شرعت بتحليلها.
وأشار الرسول صلىاللهعليهوآله إلى أنّ الغيبة ليست أمراً اعتباطيّاً، بل هي جانب من التدبير الإلهيّ لنظام الإمامة والأُمّة الإسلاميّة، وقد نُبّئ بها في وقت سابق:
لَيَغيبَنَّ القائِمُ مِن وُلدي بِعَهدٍ مَعهودٍ إلَيهِ مِنّي.۱
وأخبر الإمام زين العابدين عليهالسلام صاحبه أبا خالد الكابليّ بوقوع الغيبة في زمان يضمّ عدداً قليلاً من المؤنين بالإمامة، وقد أعطاهم اللّه من العقل والأفهام والمعرفة ما صار به الإمام الغائب كالظاهر، والغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة.۲
وبيّن الإمام الرضا عليهالسلام أنّ غيبة الإمام المهديّ عليهالسلام وطولها بيد اللّه وتقديره، فقال:
يُغَيِّبُهُ اللّهُ في سِترِهِ ما شاءَ.۳
وأشار الإمام الباقر عليهالسلام أيضاً إلى حتميّة وقوع الغيبة والتخطيط الإلهيّ المسبق لها، فاستشهد بهذه الآية: «إِنْ أَصْبَحَ مَاؤكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ»۴، وأوَّلَها بغيبة صاحب الزمان عليهالسلام التي لم تقع بعد ولكن لا مفرّ منها، فقال:
ولابُدَّ أن يَجيءَ تَأويلُها.۵
وتدلّ أحاديث أُخرى على أنّ مدّة الغيبة وطولها كأصلها بمشيئة اللّه وتقديره، ولا تتأثّر باستعجال العباد وتنبّؤتهم ورغباتهم. قال الإمام الصادق عليهالسلام في هذا الصدد:
إنَّ اللّهَ لا يَعجَلُ لِعَجَلَةِ العِبادِ، إنَّ لِهذَا الأَمرِ غايَةً يَنتَهي إلَيها، فَلَو قَد بَلَغوها لَم يَستَقدِموا ساعَةً وَلَم يَستَأخِروا.۶