179
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

ـ وحتّى قبيل ذلك ـ ثنائيّة حضور الإمام إلى جانب ضرورة وجوده، فذهبوا إلى أنّ الإمام الحقيقيّ للمجتمع ظاهر حيناً وغائب حيناً آخر.

فرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بصفته المسؤل الأوّل عن التعريف بالأئمّة وتنصيبهم، يقول في دعاء له:

اللّهُمَّ والِ مَن والى خُلَفائي وأئِمَّةَ أُمَّتي بَعدي... ولا تُخلِ الأَرضَ مِن قائِم ٍ مِنهُم بِحُجَّتِكَ، ظاهِراً أو خافِياً مَغموراً؛ لِئَلاّ يَبطُلَ دينُكَ وحُجَّتُكَ وبُرهانُكَ وبَيِّناتُكَ.۱

وقال الإمام عليّ عليه‏السلام بمعرفة نبويّة وبإيمان باستجابة دعائه وبثقة مطلقة:

اعلَموا أنَّ الأَرضَ لا تَخلو مِن حُجَّةِ للّه‏ِِ عز و جل، وَلكِنَّ اللّه‏َ سَيُعمي خَلقَهُ عَنها بِظُلمِهِم وجَورِهِم وإسرافِهِم عَلى أنفُسِهِم.۲

وكرّر في موضع آخر دعاء الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بأُسلوب مشابه۳، فقال مصرّحاً من على منبر الكوفة:

اللّهُمَّ إنَّهُ لا بُدَّ لَكَ مِن حُجَجٍ في أرضِكَ، حُجَّةٍ بَعدَ حُجَّةٍ عَلى خَلقِكَ، يَهدونَهُم إلى دينِكَ ويُعَلِّمونَهُم عِلمَكَ؛ كي لا يَتَفَرَّقَ أتباعُ أولِيائِكَ، ظاهِرٍ غَيرِ مُطاعٍ، أو مُكتَتَمٍ يُتَرَقَّبُ، إن غابَ عَنِ النّاسِ شَخصُهُم في حالِ هُدنَتِهِم فَلَم يَغِب عَنهُم قَديمُ مَبثوثِ عِلمِهِم، وَآدابُهُم في قُلوبِ المُؤِنينَ مُثبَتَةٌ، فَهُم بِها عامِلونَ.۴

واعتبر الإمام زين العابدين عليه‏السلام الحجّة ضروريّاً لوجود عبادة اللّه‏ عز و جل وبقائها من قبل البشر، وقسّمه إلى اثنين: ظاهر مشهور، أو غائب مستور.۵

ب ـ غياب سابق مماثل

اعتمد الأئمّة عليهم‏السلام طرقاً ميسّرة لإزالة أرضيّة الدعوات المنكرة الناشئة من غرابة الغيبة،

1.. راجع: ج ۱ ص ۲۲۲ ح ۵۳ كمال الدين .

2.. راجع: ج ۱ ص ۲۲۲ ح ۵۴ الغيبة للنعماني .

3.. راجع: ج ۱ ص ۲۲۳ ح ۵۵ نهج البلاغة .

4.. راجع: ص ۲۵۸ ح ۵۸۹ الكافي .

5.. راجع: ص ۲۶۷ ح ۶۰۳ الأمالي للصدوق و ج ۱ ص ۲۲۳ ح ۵۶ (كمال الدين).


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
178

لمرحلة الغيبة، إلاّ أنّهما ييسّران اجتيازها، ويقدّمان يد العون الذهنيّ والعمليّ للتسليم والاعتقاد بالإمام الغائب.

أوّلاً: الإجراءات العلميّة (نشر المعلومات وإزالة الإبهام والإنكار)

زوّد أهل البيت عليهم‏السلام شيعتهم بوعي شامل ليضاعفوا تحمّلهم حيال فقدان إمامهم، واتّخذ هذا الوعي أُطراً متنوّعة من قبل جميع المعصومين عليهم‏السلام تقريباً، ويمكن تقسيم جهودهم وخطواتهم التمهيديّة إلى ثلاثة أقسام: إزالة الإبهام، وعرض خصائص الغَيبة، وبيان آفات ومصاعب عصر الغيبة.

۱. إزالة الإبهام والإنكار

أسوأ آفات عصر الغيبة هو عدم الصمود حيال الشبهات والطعنات، واليأس الناجم عن ترامي زمن الغيبة، ومن ثمّ إنكار الإمام الغائب أو غيبته، ولهذا حذّر المعصومون عليهم‏السلام من إنكار الإمام الغائب بموازاة إخبارهم بوقوع غيبته، فقال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في هذا الصدد:

مَن أنكرَ القائِمَ مِن وُلدي في زَمانِ غَيبَتِهِ (فَ) ماتَ، (فَقَد ماتَ) ميتَةً جاهِلِيَّةً.۱

وحذّر الإمام الصادق عليه‏السلام أيضاً في حديث صريح من إنكار غيبة الإمام عليه‏السلام، فقال:

إن بَلَغَكم عَن صاحِبِ هذَا الأمرِ غَيبَةٌ فَلا تُنكروها.۲

لقد سعى أهلُ البيت عليهم‏السلام لإزالة هذا الإنكار ونشر الوعي لتوفير أرضيّة الاعتقاد بالحضور الغائب للإمام المهديّ عليه‏السلام.

أ ـ الحضور الثنائيّ للإمام

بيّن أهل بيت الوحي عليهم‏السلام بصراحة للمجتمع الإنسانيّ منذ الأيّام الأُولى لتشكيل الإمامة

1.. راجع: ج ۱ ص ۳۷۳ ح ۲۱۲ كمال الدين.

2.. راجع: ص ۲۰۴ ح ۵۱۵ الكافي .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14011
صفحه از 518
پرینت  ارسال به