157
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

ثالثاً: نظريّة من تردّد في الأمر أو صَمَت عنه

يعتقد بعض الباحثين أنّ زواج الإمام المهديّ عليه‏السلام وما يتعلّق به يُعدّ من المسائل الجانبيّة للعقيدة المهدويّة، ومُنزلَقاً لا مأمن في الخروج منه بسلامة؛ ولذلك فأفضل خطوة في هذا الصدد هو السكوت والتوقّف، أو البيان بشكّ وتردّد.

قال السيّد جعفر مرتضى العامليّ:

نحن بالنسبة لهذا الموضوع بالذّات ـ أعني موضوع ثبوت الأولاد له عليه‏السلام ـ نقول: إنّ ذلك موضع شك وريب أيضاً.۱

تحليل و تقييم

نرى أنّه ينبغي اختيار الصمت حيال الموضوع، والامتناع عن إبداء وجهة نظر احتماليّة غير موثّقة؛ للأسباب التالية:

أوّلاً: هذا الأمر من القضايا الجانبيّة في العقيدة المهدويّة وممّا لا يسيء السكوت فيه إلى أصل العقيدة، ونحن نقتفي المنهج نفسه في الأُمور المشابهة الواردة في القرآن الكريم؛ كقصّة الخضر عليه‏السلام مثلاً.

ثانياً: لم يتطرّق كبار علماء الشيعة بنحوٍ فاعل إلى هذه القضيّة قبل المرحلة المعاصرة، وكما أشرنا في بداية البحث فإنّها حظيت باهتمام جادّ في الأربعين عاماً الأخيرة، ولهذا فقد أحاط بها الصمت ما يقرب من ألف سنة ولم تخلق مشكلة ً ما.

ثالثاً: تفتقر أدلّة كلا الطرفين إلى الحدّ اللاّزم من الاعتبار لكي يُستند إليها في إزاحة الستار عن هذه المسألة التاريخيّة؛ لأنّ كثيراً من الروايات التي استُدلّ بها هي إمّا مرسلة، أو يضمّ سندها رواة مجهولين.

رابعاً: وبغضّ النظر عن الضعف السنديّ فالأدلّة المنقولة تتعارض مع بعضها، ولا ترجيح

1.. دراسة في علامات الظهور : ص ۲۵۷.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
156

۲ ـ لم يُشِر أيّ أحد من سفراء ووكلاء الإمام المهديّ عليه‏السلام إلى زواجه وأهله وأبنائه طيلة سبعين عاماً تقريباً (في زمان الغيبة الصغرى)، ولو حدث مثل ذلك فلابدّ من الإشارة إليه.

۳ ـ يدلّ الحديثان الآتيان بصراحة على أنّ الإمام المهديّ عليه‏السلام ليس له أولاد:

الأوّل: نقل المسعوديّ أنّه عندما دخل عليّ بن حمزة وابن السرّاج وابن أبي سعيد المكاريّ على الإمام الرضا عليه‏السلام، حدث ما يلي:

قال له عليّ بن حمزة: فَإِنّا رُوّينا أنَّ الإمامَ لا يمضي حَتّى يَرى عَقِبَهُ، فَقالَ له الرِّضا عليه‏السلام: أما رُوّيتُم في هذَا الحَديثِ بِعَينِهِ: إلاَّ القائِمَ؟ قالوا: لا، فَقالَ الرضا عليه‏السلام: بَلى، قَد رُوّيتُموهُ وأَنتُم لا تَدرونَ لِمَ قيلَ ولا ما مَعناهُ.

قالَ ابنُ أبي حَمزَةَ: إنّ هذا لَفِي الحَديثِ؟ فَقالَ له الرضا عليه‏السلام: وَيحَكَ! كَيفَ تَجَرَّأتَ أن تَحتَجَّ عَلَيَّ بِشَيءٍ تُدمِجُ بَعضَهُ ؟!

ثُمَّ قالَ: إنَّ اللّه‏َ تَعالى سَيُريني عَقِبي إن شاءَ اللّه‏ُ.۱

الثاني: روى محمّد بن عبد اللّه‏ بن جعفر الحميريّ، عن أبيه، عن عليّ بن سليمان بن رشيد، عن الحسن بن عليّ الخرّاز، قال:

دَخَلَ عَلِيُّ بنُ أَبِي حَمزَةَ عَلى أبِي الحَسَنِ الرِّضَا عليه‏السلام فَقالَ لَهُ: أنتَ إمامٌ ؟ قالَ: نَعَم، فَقالَ لَهُ: إِنّي سَمِعتُ جَدَّكَ جَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ عليه‏السلام يَقولُ: لا يَكونُ الإمامُ إِلاّ ولَهُ عَقِبٌ. فَقالَ: أَ نَسيتَ يا شَيخُ أَو تَنَاسَيتَ ؟! لَيسَ هكذَا قالَ جَعفَرٌ عليه‏السلام، إِنَّما قالَ جَعفَرٌ عليه‏السلام: لا يَكونُ الإِمامُ إِلاّ ولَهُ عَقِبٌ إِلاَّ الإِمَامُ الَّذِي يَخرُجُ عَلَيهِ الحُسَينُ بْنُ عَلِيٍّ عليه‏السلام ۲ فَإِنَّهُ لا عَقِبَ لَهُ. فَقالَ لَهُ: صَدَقتَ جُعِلتُ فِداكَ! هكذَا سَمِعتُ جَدَّكَ يَقولُ.۳

1.. إثبات الوصيّة: ص ۲۲۱.

2.. تشير نهاية الحديث إلى رجعة الإمام الحسين عليه‏السلام وصَلاته على الإمام المهديّ عليه‏السلام راجع: دراسة في علامات الظهور: ص۲۳۵ .

3.. الغيبة للطوسيّ : ص ۱۳۴ ـ ۱۳۵.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14511
صفحه از 518
پرینت  ارسال به