فالشيخ المفيد يطرح الإمكانَ العقليّ للإمامة الإلهيّة في مرحلة الطفولة من جهةٍ موضّحاً أنّ العقل لا يراها محالاً، ويبيّن من جهة أُخرى تحقّقها وفقاً لإخبار القرآن الكريم، حيث بلغ النبيّان يحيى وعيسى عليهماالسلام مقام النبوّة في طفولتهما.
أمّا بشأن الإمام المهديّ عليهالسلام، فأدلّة إثبات أصل وجوده إضافة إلى إثبات ولادته التي طُرحت في الكتابات السابقة، تنتج تحقّق إمامته في الطفولة.
ومع كلّ هذا طعنت بعضُ كتابات المسلمين من أهل السنّة في تحقّق الإمامة في المرحلة المذكورة وأنكرت ذلك، ولعلّ ابن حجر الهيثميّ (ت ۹۷۳ه) أوّل من أشكل على العقيدة المهدويّة في كتابه الصواعق المحرقة، حيث جاء في هذا الصدد:
ثمّ المقرّر في الشريعة المطهّرة أنّ الصغير لا تصحّ ولايته، فكيف ساغ لهؤاء...۱ أن يزعموا إمامة من عمره خمس سنين، وأنّه أُوتي الحكم صبيّاً مع أنّه لم يخبر به، ما ذلك إلاّ مجازفة وجرأة على الشريعة الغرّاء.۲
واقتفى أثَرَه على هذه الشبهة الكاتب المصريّ المعاصر أحمد أمين (۱۸۸۶۱۹۴۵م)، فأشكل على أصل العقيدة المهدويّة وكيفيّة نشأتها في العالم الإسلاميّ، قال:
المفكّر يعجَب لأمرين: أحدهما: تولية الإمام لطفل في الرابعة أو الخامسة من عمره، مع أنّ الإمامة منصب عظيم يشرف على اُمور.
المسلمين، فلابدّ له من رجل ناضج على حمل المسؤوليّة.
والأمر الثاني: دعوى الشيعة في هذا الطفل أنّه خَفيّ لا يظهر،... إنّ دعوى الطفل هذه من صنع الوكلاء طمعاً في المال الّذي يُجبى من سائر الأقطار الإسلاميّة لأَئمّة الشيعة.۳
وطرح القول نفسه أحمد الكاتب بتعبير أزمة الطفولة، فقال: