133
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

وَالجَبابِرَةِ مِنهُم عَلى يَدَيِ القائِمِ مِنّا، ناصَبونَا العَداوَةَ، ووَضَعوا سُيوفَهُم في قَتلِ أهلِ بَيتِ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وإبادَةِ نَسلِهِ، طَمَعا مِنهُم فِي الوُصولِ إلى قَتلِ القائِمِ عليه‏السلام، فَأَبَى اللّه‏ُ أن يَكشِفَ أمرَهُ لِواحِدٍ مِنَ الظَّلَمَةِ، إلاّ أن يُتِمَّ نورَهُ ولَو كَرِهَ المُشرِكونَ.
وأَمّا غَيبَةُ عيسى عليه‏السلام، فَإِنَّ اليَهودَ وَالنَّصارَى اتَّفَقَت عَلى أنَّهُ قُتِلَ، فَكَذَّبَهُمُ اللّه‏ُ عز و جل بِقَولِهِ: «وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ»۱.
كَذلِكَ غَيبَةُ القائِمِ، فَإِنَّ الاُمَّةَ سَتُنكِرُها لِطولِها، فَمِن قائِلٍ يَقولُ: إنَّهُ لَم يولَد، وقائِلٍ يَفتري ؛ بِقَولِهِ: إنَّهُ وُلِدَ وماتَ، وقائِلٍ يَكفُرُ ؛ بِقَولِهِ: إنَّ حادِيَ عَشَرَنا كانَ عَقيما، وقائِلٍ يَمرُقُ ؛ بِقَولِهِ: إنَّهُ يَتَعَدّى إلى ثالِثَ عَشَرَ فَصاعِدا، وقائِلٍ يَعصِي اللّه‏َ ؛ بِدَعواهُ أنَّ روحَ القائِمِ عليه‏السلام يَنطِقُ في هَيكَلِ غَيرِهِ.
وأَمّا إبطاءُ نوحٍ عليه‏السلام، فَإِنَّهُ لَمَّا استَنزَلَ العُقوبَةَ مِنَ السَّماءِ بَعَثَ اللّه‏ُ إلَيهِ جَبرَئيلَ عليه‏السلام مَعَهُ سَبعُ نَوَياتٍ، فَقالَ: يا نَبِيَّ اللّه‏ِ، إنَّ اللّه‏َ جَلَّ اسمُهُ يَقولُ لَكَ: إنَّ هؤُلاءِ خَلائِقي وعِبادي، لَستُ اُبيدُهُم بِصاعِقَةٍ مِن صَواعِقي إلاّ بَعدَ تَأكيدِ الدَّعوَةِ، وإلزامِ الحُجَّةِ، فَعاوِدِ اجتِهادَكَ فِي الدَّعوَةِ لِقَومِكَ ؛ فَإِنّي مُثيبُكَ عَلَيهِ، وَاغرِس هذَا النَّوى، فَإِنَّ لَكَ في نَباتِها وبُلوغِها وإدراكِها إذا أثمَرَتِ الفَرَجَ وَالخَلاصَ، وبَشِّر بِذلِكَ مَن تَبِعَكَ مِنَ المُؤمِنينَ.
فَلَمّا نَبَتَتِ الأَشجارُ وتَأَزَّرَت۲ وتَسَوَّقَت وأَغصَنَت، وزَهَا الثَّمَرُ عَلَيها بَعدَ زَمانٍ طَويلٍ، استَنجَزَ مِنَ اللّه‏ِ العِدَةَ، فَأَمَرَهُ اللّه‏ُ تَعالى أن يَغرِسَ مِن نَوى تِلكَ الأَشجارِ، ويُعاوِدَ الصَّبرَ وَالاِجتِهادَ، ويُؤَكِّدَ الحُجَّةَ عَلى قَومِهِ، فَأَخبَرَ بِذلِكَ الطَّوائِفَ الَّتي آمَنَت بِهِ، فَارتَدَّ مِنهُم ثَلاثُمِئَةِ رَجُلٍ، وقالوا: لَو كانَ ما يَدَّعيهِ نوحٌ حَقّا لَما وَقَعَ في عِدَتِهِ خُلفٌ.

1.. النساء : ۱۵۷ .

2.. آزرت الرجل : إذا أعنته وقوّيته لسان العرب : ج ۴ ص ۱۶ « أزر » .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
132

إنّي نَظَرتُ صَبيحَةَ هذَا اليَومِ في كِتابِ الجَفرِ المُشتَمِلِ عَلى عِلمِ البَلايا وَالمَنايا، وعِلمِ ما كانَ وما يَكونُ إلى يَومِ القِيامَةِ، الَّذي خَصَّ اللّه‏ُ ـ تَقَدَّسَ اسمُهُ ـ بِهِ مُحَمَّدا وَالأَئِمَّةَ مِن بَعدِهِ عليهم‏السلام، وتَأَمَّلتُ فيهِ مَولِدَ قائِمِنا عليه‏السلام، وغَيبَتَهُ وإبطاءَهُ وطولَ عُمُرِهِ، وبَلوَى المُؤمِنينَ مِن بَعدِهِ في ذلِكَ الزَّمانِ، وتَوَلُّدَ الشُّكوكِ في قُلوبِ الشّيعَةِ مِن طولِ غَيبَتِهِ، وَارتِدادَ أكثَرِهِم عَن دينِهِ، وخَلعَهُم رِبقَةَ۱ الإِسلامِ مِن أعناقِهِمُ الَّتي قالَ اللّه‏ُ عز و جل: «وَ كُلَّ إِنسَنٍ أَلْزَمْنَهُ طَئِرَهُ فِى عُنُقِهِ»۲ يَعنِي الوَلايَةَ، فَأَخَذَتنِي الرِّقَّةُ، وَاستَولَت عَلَيَّ الأَحزانُ.
فَقُلنا: يَابنَ رَسولِ اللّه‏ِ، كَرِّمنا وفَضِّلنا بِإِشراكِكَ إيّانا في بَعضِ ما أنتَ تَعلَمُهُ مِن عِلمِ ذلِكَ.
قالَ: إنَّ اللّه‏َ ـ تَعالى ذِكرُهُ ـ أدارَ فِي القائِمِ مِنّا ثَلاثَةً أدارَها لِثَلاثَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، قَدَّرَ مَولِدَهُ تَقديرَ مَولِدِ موسى عليه‏السلام، وقَدَّرَ غَيبَتَهُ تَقديرَ غَيبَةِ عيسى عليه‏السلام، وقَدَّرَ إبطاءَهُ تَقديرَ إبطاءِ نوحٍ عليه‏السلام، وجَعَلَ لَهُ مِن بَعدِ ذلِكَ عُمُرَ العَبدِ الصّالِحِ ـ أعنِي الخِضرَ عليه‏السلام ـ دَليلاً عَلى عُمُرِهِ.
فَقُلنا: اِكشِف لَنا يَابنَ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عَن وُجوهِ هذِهِ المَعاني.
قالَ: أمّا مَولِدُ موسى عليه‏السلام، فَإِنَّ فِرعَونَ لَمّا وَقَفَ عَلى أنَّ زَوالَ مُلكِهِ عَلى يَدِهِ، أمَرَ بِإِحضارِ الكَهَنَةِ، فَدَلّوا عَلى نَسَبِهِ، وأنَّهُ يَكونُ مِن بَني إسرائيلَ، فَلَم يَزَل يَأمُرُ أصحابَهُ بِشَقِّ بُطونِ الحَوامِلِ مِن نِساءِ بَني إسرائيلَ، حَتّى قَتَلَ في طَلَبِهِ نَيِّفا وعِشرينَ ألفَ مَولودٍ، وتَعَذَّرَ عَلَيهِ الوُصولُ إلى قَتلِ موسىَ عليه‏السلام بِحِفظِ اللّه‏ِ تَعالى إيّاهُ.
كَذلِكَ بَنو اُمَيَّةَ وبَنُو العَبّاسِ لَمّا أن وَقَفوا عَلى أنَّ بِهِ زَوالَ مَملَكَةِ الاُمَراءِ

1.. خَلعُ رِبَقةِ الإسلام : ترك السُنَّة واتّباع البدعة النهاية : ج ۲ ص ۱۹۰ «ربق» .

2.. الإسراء : ۱۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14599
صفحه از 518
پرینت  ارسال به