85
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

طبيعي أنّ الفرق الإسلاميّة لاتتّفق على جميع جوانب وجزئيّات العقيدة المهدويّة، فهناك جهات منها موحَّدة ومشتركة بين المذاهب الإسلاميّة الرئيسة، و تباينت في بعضها وجهات نظرهم. ومن أجل مزيدٍ من المعرفة لهذا الموضوع ينبغي تسليط الأضواء على نقاط الاختلاف والاشتراك، والإجابة عن الأسئلة والشبهات المطروحة حوله.

نقاط الاشتراك

إلى هنا تبيّن أنّ الفِرَق والمذاهب الإسلاميّة الكبيرة ترى قطعيّة وضروريّة التعاليم المهدويّة وانتظار منقذ موعود، ثمّ تبدّل هذا الموضوع إلى اعتقاد مشترك بينهم، كما أنّ التدقيق في المصادر والوثائق التي أشرنا إلى بعض منها سابقاً يدلّ على حقّانيّة عقيدة الشيعة في الإمام المهديّ عليه‏السلام بالرغم من اختلاف الاستنتاجات الحاليّة من تلك النصوص.

وفيما يلي نعرض المشتركات في هذه العقيدة بين الفِرق الإسلاميّة:

۱. المنقذ المنتظر

نقل علماء المذاهب الإسلاميّة في مؤّفاتهم أحاديث مبشّرة بالإمام المهديّ عليه‏السلام وبتحقّق الآمال المنشورة للأُمّة الإسلاميّة في المستقبل، وسياق هذه البشارات ينسجم تماماً مع ما طرحته الأديان الإلهيّة الأُخرى من تنبّؤت بالمنقذ المنتظر.

۲. نسب المنقذ

أكّد علماء الفرق الإسلاميّة ومحدّثوهم تواتر وصحّة الأحاديث المبشّرة بظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام وقيامه، وأشاروا في ضمن ذلك إلى أنّه من أبناء رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وأهل البيت عليهم‏السلام، إضافة إلى تصريح كثير من علماء أهل السنّة بأنّ الإمام المهديّ عليه‏السلام من ولد فاطمة وعليّ عليهماالسلام استناداً إلى الأحاديث الصحيحة.

۳. اسم المنقذ

لاريب ولا اختلاف في أنّ اسم المنقذ الموعود يتّحد مع اسم رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وقد صرّح بذلك


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
84

وإضافة إلى من ذكرنا من محدّثين، هناك كثير من علماء أهل السنّة شهدوا بتواتر أو صحّة الأحاديث المبشّرة بالإمام المهديّ.۱

كما أنّ اتّفاق جميع المذاهب الإسلاميّة على هذه العقيدة جليّ للغاية، حتّى إنّ المخالفين أو المنكرين للإمام المهديّ لايسعهم إنكار هذا الإجماع، ومن أهمّ المخالفين أو المشكّكين في هذه العقيدة: ابن خلدون، حيث قال في هذا المجال:

لا امتناع في بقائه بدليل بقاء عيسى وإلياس والخضر من أولياء اللّه‏ تعالى.

إعلم أنّ في المشهور بين الكافّة من أهل الإسلام على ممرّ الأعصار أنّه لابدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيِّد الدين ويُظهر العدل، ويتّبعه المسلمون ويستولي على الممالك الاسلاميّة، ويسمّى بالمهديّ.۲

والكاتب المصريّ أحمد أمين يُعدّ من الأشخاص القليلين المخالفين للعقيدة المهدويّة، ولكنّه يعترف بأنّ الاعتقاد بالمهديّ أمر وافع في جميع الفرق الإسلاميّة، ويعتبر من عقائد الدين الإسلاميّ، فلم يكن له مفرّ من الاعتراف بهذه الحقيقة في كتابه الذي ألّفه لمخالفة أصل العقيدة المذكورة:

أمّا أهل السنّة فهم أيضاً آمنوا بالمهديّ.۳

ويتّضح بجلاء ممّا سبق أنّ الإيمان بالعقيدة المهدويّة وانتظار ظهور القائم عليه‏السلام ليس اعتقاداً من إنشاء شيعة أهل البيت عليهم‏السلام، وربّما هو أقلّ موضوع من بين الاعتقادات ينال هذا الاهتمام والاتّفاق لعلماء جميع الفرق الإسلاميّة، وعلى هذا الأساس يمكن القول بجرأة: إنّ هذا الموضوع أمر قطعيّ و يعدّ ضرورة من الضرورات الإسلاميّة.

1.. للاطّلاع على أسماء خمسين شخصا من كبار أهل السنّة المعتقدّين بتواتر أو صحّة أحاديث ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلاميراجع: حديث انديشه بالفارسيّة: الرقم ۵ و ۶ ص ۱۳۹ مقالة «دفاع از مهدويت» تلخيص وترجمة: سعيد شفيعي .

2.. تاريخ ابن خلدون: ج ۱ ص ۳۱۱ .

3.. المهديّ المنتظر في الفكر الإسلاميّ: ص ۱۰ نقلاً عن المهديّ والمهدويّة لأحمد أمين: ص ۴۱.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15495
صفحه از 485
پرینت  ارسال به