كما يمكن استثمار العلوم التجريبيّة للإنسان من أجل توضيح بعدها العالمي، ولكن من حيث إنّ لهذه الحقيقة بُعداً شخصيّاً أيضاً تواكبه خصائص تقتصر على شخص واحد في تاريخ البشريّة، يتعيّن أن يكون مركز الثقل المعرفيّ في القضيّة المهدويّة هي تعاليم الوحي والأحاديث المنقولة.
ومن هنا ينبغي أن تغدو تعاليم الوحي نقطة انطلاق للبحوث والدراسات، ثمّ يؤذ في مواصلتها بالأُصول والقواعد العقليّة والعلوم التجريبيّة أيضاً. والاتّكاء على القواعد العقليّة الصرفة لامسوّغ له، ولاسيّما في بعض المواضع التي تكون حدودها الوسطية معتركاً للآراء، ومحاطة بهالة داكنة من الغموض، وكذلك الاستناد إلى التعاليم العرفانيّة والصوفيّة المؤّسة على الكشف والشهود، لايمكن أن تكون بمفردها باعثة على العلم ووسيلة للتعليم والاستدلال.
وبناء عليه، يبدو نشوء المنهج النقلي أمراً طبيعيّاً في القرن الرابع، كما أنّ ظهور المنهج العقليّ النقليّ أيضاً في القرن الخامس له ما يبرّره منطقياً.
وأكثر المناهج تبريراً من يتّخذ النقل وتعاليم الوحي محوراً، ويستفيد من العقل والعلوم التجريبيّة في الموضع المناسب، وهو السبيل الذي سلكه باحثو هذه الموسوعة.