73
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

تحليل واستنتاج

۱ ـ تبلورت هذه المناهج الثلاثة على مدى عشرة قرون: من القرن الرابع إلى الخامس عشر، ويمكن ترتيب تاريخ نشأتها وتطوّرها بالنحو الآتي:

أوّلاً: المنهج النقليّ في القرن الرابع.

ثانياً: المنهج النقليّ العقليّ في النصف الأوّل من القرن الخامس.

ثالثاً: المنهج العرفانيّ الصوفيّ في القرن السابع.

طبيعيّ أنّ لتشكّل هذه المناهج صلة وثيقة بالأوضاع العلميّة والثقافيّة لكلّ عصر، كما أنّ للمتطلّبات الثقافيّة والعلميّة والأجواء الزمانيّة والمكانيّة أثرا تامّاً في نشوء نوع الرؤة وطبيعتها، وشرح هذه الأرضيّات العلميّة الثقافيّة بدقّة يستدعي بحثاً تاريخيّاً واجتماعيّاً ينبغي التصدّي له في موضع آخر.

۲ ـ يمكن القول في تقييم إجماليّ لهذه المناهج: إنّ لموضوع الإمام المهديّ عليه‏السلام أبعاداً متعدّدة، ولذلك فالاستفادة من مصادر معرفيّة متنوّعة مجدية في توضيحها أو ترسيخها، ولكن ينبغي أن تكون تلك الأبعاد متميّزة عن بعضها ليتّضح أيّ منهج يجب أن يُعتمد في كلّ بعد.

فالاستفادة المشوّشة من هذه الأساليب ليست بمنهجيّة ولا حكيمة؛ لذلك من المناسب أوّلاً أن يُكشف عن تلك الأبعاد، ويبدو أنّ أحد جوانب القضيّة المهدويّة هي حاجة الإنسان التامّة إلى قائد في كلّ مرحلة زمنيّة، والجانب الآخر لها هو المهدويّة الشخصيّة؛ أي وجود قائد بمواصفات شخصيّة في تلك المرحلة؛ وجانبها الثالث هو أن يكون ذلك القائد في هذا العالم المادّي، ويخضع للسنن الحاكمة عليه.

وتأسيساً على ذلك يتسنّى للبعد الكلّي للإمامة أن يستفيد من القواعد والأُصول العقليّة،


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
72

وحائزاً على نوعٍ من علم الغيب.۱

وأمّا علاء الدولة السمنانيّ فهو نظير سائر العلماء المتصوّفة حيث طرح العقائد المرتبطة بالمنتظر الإسلاميّ بأُسلوب عرفانيّ، ونقل مضامين الأحاديث النبويّة وبعض أحاديث أئمّة أهل البيت عليهم‏السلام عن الإمام المهديّ۲، ولكن الملاحظة التي تسترعي الاهتمام هي طريقة السمنانيّ في التأكيد الوافر على ما حظي به المهديّ عليه‏السلام من المواريث الخَلقيّة والخُلقيّة والمعنويّة لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، أو بتعبيره من النطف الثلاث لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: من صلبه وقلبه ولغة سرّه، وهو شيء لم يتوفّر لدى أحد من الأئمّة الأحد عشر قبل المهديّ حسب اعتقاده، ولذلك يرى أنّ المهديّ المنتظر قد حاز على مميّزات وخصائص أخلاقيّة ومعنويّة وعرفانيّة خاصّة.

واعتبر السمنانيّ المهديَّ إماماً، وصاحب علوم غريبة، وأنّ له جميع مقامات أئمّة أهل البيت عليهم‏السلام، وذكر ذلك في المجلس الثالث والعشرين من أربعين مجلساً من كتابه۳، في القسم الذي تحدّث فيه عن أهل البيت عليهم‏السلام ۴.۵

1.. اليواقيت والجواهر: ص ۵۶۳ ـ ۵۶۶.

2.. إنّ صوفيّة أهل السنّة كالقُشيريّ والسنائيّ والعطّار والمولويّ وروزبهان بقلي وعبد القادر الجيلانيّ والسيوطيّ والسخاويّ والمناويّ، يحترمون ويقدّرون كثيراً أئمّة أهل البيت عليهم‏السلاموأحاديثهم، ومن بينهم مجموعة عُرفت باسم سنّة الاثني عشر إماماً، منهم: إبراهيم الحمويّ مؤّف فرائد السمطين، ومعين الدين الجوينيّ مؤّف نگارستان، وعمر بن شجاع الدين الموصليّ مؤّف النعيم المقيم، والشبراوي مؤّف الاتحاف، ويعتبرون أئمّة أهل البيت أئمّة ومعصومين أيضاً، على الرغم من اعتقادهم بأنّ الخلافة والحكم شيء مفصول عن الإمامة الولاية الكلّية الإلهيّة، وهو من حقوق الناس، وقد أوكل إليهم (راجع: تاريخ تشيّع در إيران (بالفارسيّة): ص ۸۴۱) .

3.. العروة لأهل الخلوة والجلوة: ص ۳۵.

4.. استعنّا في نقل آراء وعقائد الصوفيّة على مقالة «گونه‏شناسي انديشه موعود در عرفان وتصوّف اسلامي بالفارسيّة» لمحمّد نصيري، المطبوعة في كتاب «گونه‏شناسي انديشه منجي موعود در أديان (بالفارسيّة)»: ص۳۶۱ ـ ۴۰۸.

5.. هناك مؤّفات اُخرى كُتبت باُسلوب عرفانيّ صوفيّ في موضوع الإمام المهديّ عليه‏السلام، منها: علامات المهديّ لصدرالدين القونويّ، ومثنوي عجايبات يا علائم ظهور بالفارسيّة، ورساله مهديّه (بالفارسيّة) كلاهما لشاه نعمة اللّه‏ ولي.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15536
صفحه از 485
پرینت  ارسال به