تحليل واستنتاج
۱ ـ تبلورت هذه المناهج الثلاثة على مدى عشرة قرون: من القرن الرابع إلى الخامس عشر، ويمكن ترتيب تاريخ نشأتها وتطوّرها بالنحو الآتي:
أوّلاً: المنهج النقليّ في القرن الرابع.
ثانياً: المنهج النقليّ العقليّ في النصف الأوّل من القرن الخامس.
ثالثاً: المنهج العرفانيّ الصوفيّ في القرن السابع.
طبيعيّ أنّ لتشكّل هذه المناهج صلة وثيقة بالأوضاع العلميّة والثقافيّة لكلّ عصر، كما أنّ للمتطلّبات الثقافيّة والعلميّة والأجواء الزمانيّة والمكانيّة أثرا تامّاً في نشوء نوع الرؤة وطبيعتها، وشرح هذه الأرضيّات العلميّة الثقافيّة بدقّة يستدعي بحثاً تاريخيّاً واجتماعيّاً ينبغي التصدّي له في موضع آخر.
۲ ـ يمكن القول في تقييم إجماليّ لهذه المناهج: إنّ لموضوع الإمام المهديّ عليهالسلام أبعاداً متعدّدة، ولذلك فالاستفادة من مصادر معرفيّة متنوّعة مجدية في توضيحها أو ترسيخها، ولكن ينبغي أن تكون تلك الأبعاد متميّزة عن بعضها ليتّضح أيّ منهج يجب أن يُعتمد في كلّ بعد.
فالاستفادة المشوّشة من هذه الأساليب ليست بمنهجيّة ولا حكيمة؛ لذلك من المناسب أوّلاً أن يُكشف عن تلك الأبعاد، ويبدو أنّ أحد جوانب القضيّة المهدويّة هي حاجة الإنسان التامّة إلى قائد في كلّ مرحلة زمنيّة، والجانب الآخر لها هو المهدويّة الشخصيّة؛ أي وجود قائد بمواصفات شخصيّة في تلك المرحلة؛ وجانبها الثالث هو أن يكون ذلك القائد في هذا العالم المادّي، ويخضع للسنن الحاكمة عليه.
وتأسيساً على ذلك يتسنّى للبعد الكلّي للإمامة أن يستفيد من القواعد والأُصول العقليّة،