63
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

لخلقها، فلو ارتفع الإنسان عن الأرض ارتفع سائر الأكوان من الجماد والنبات والحيوان، فكذلك لو ارتفع الحجّة عن الأرض ارتفع الناس كلّهم، فثبت قوله عليه‏السلام: «لو لَم يَبقَ فِي الأرضِ إلاّ اثنانِ لَكانَ أحدهُما الحُجَّة».۱

۶. الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر (۱۳۵۳ ـ ۱۴۰۰ ه)

أوّل شخص في المرحلة المعاصرة استعان بالمعطيات العقليّة لشرح تعاليم الوحي في موضوع الإمام المهديّ عليه‏السلام هو الشهيد آية اللّه‏ السيّد محمّد باقر الصدر في كتابه بحث حول المهديّ، حيث طرح فيه الأسئلة السبعة الآتية عن الإمام وأجاب عنها:

الأوّل: كيف تأتّى للإمام المهديّ عليه‏السلام هذا العمر الطويل؟

الثاني: لماذا يجب أن يعمّر شخص كلّ هذه السنين وتُعطّل قوانين الطبيعة من أجله؟ ألا يوجد طريق آخر لبلوغ هذه الأهداف؟

الثالث: كيف تُبرَّر الإمامة في مرحلة الطفولة؟

الرابع: كيف نعتقد بوجود شخص الإمام المهديّ استناداً إلى عدّة روايات؟

الخامس: لماذا لم يظهر المهديّ إلى الآن، مع أنّه كلما تقدّم الزمن تعقّد ظهوره؟

السادس: كيف يتأتّى لشخص أن يُحدث تغييراً كبيراً في العالم؟

السابع: كيف يمكنه تحقيق هذه الأهداف الخطيرة؟

أجاب السيّد الصدر عن هذه الأسئلة السبعة في ثمانية بحوث. وطرح في الواقع السؤل الأوّل في بحثين، واستعان في كلّ واحد من الموضوعات بما يناسبه من الفلسفة والتاريخ وعلم الأحياء وعلم الاجتماع والقوانين السائدة في المجتمع والتاريخ؛ لكي يقدّم الجواب المناسب.

وصرّح في البحث عن شخص الإمام المهديّ عليه‏السلام ـ مستعينا بالنقل في ذلك ـ بثنائية

1.. شرح أُصول الكافي لملاّصدرا : ج ۲ ص ۵۰۳ ـ ۵۰۴.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
62

ثمّ قال في شرح حديث «لَو أنَّ الإِمامَ رُفِعَ مِنَ الأَرضِ ساعَةً لَساخَت بِأَهلِها»:

وهذا الحديث يبيّن القاعدة التي شرحناها.۱

ونجده يختار طريقا ثانيا هو قاعدة برهان الأشرف التي وضّحها كالآتي:

قد علمت أنّ ترتيب سلسلة الوجود الصادرة من الأوّل سبحانه إنّما يكون أبداً من الأشرف إلى الأخسّ ومن الأعلى إلى الأدنى، ومن نظر في أحوال الموجودات ونسبة بعضها إلى بعض عرف أنّ الأدنى والأنقص لا يوجد إلاّ بسبب الأعلى والأكمل سببية ذاتية وتقدّماً طبيعياً، وإن كان وجود الأدنى والأنقص يصير مبدأ متهيّئاً للمادّة لفيضان الأعلى والأكمل، فالحيوان سبب ذاتي لوجود النطفة متقدّم عليها تقدّماً بالذات، وكذا النبات للبذر، أمّا النطفة فهي سبب معدّ لوجود الحيوان متقدّمة عليه تقدّماً بالزمان لا بذات، وكذا البذر للنبات....

إنّما المماثلة بين أفراد البشر إنّما هي بحسب المادّة البدنية والنشأة الطبيعية قبل أن يخرج النفوس الساذجة الهيولانية من القوة إلى الفعل بحصول الملكات والأخلاق الفاضلة أو الرذيلة فيها، وأمّا بحسب النشأة الروحانية فهي واقعة تحت أنواع كثيرة لا تحصى، وقوله تعالى: «قُلْ إِنَّمَآ أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ»۲ إنّما هو بالاعتبار الأوّل دون الثاني، فنوع النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله والإمام عليه‏السلام نوع عال شريف أشرف من سائر الأنواع الفلكية والعنصرية، فنسبة نوع الحجّة إلى سائر البشر في رتبة الوجود كنسبة الإنسان إلى سائر الحيوان، وكنسبة الحيوان إلى النبات، والنبات إلى الجماد.

وقد علمت الحال في باب التقدّم والتأخّر في الوجود بين النوع الشريف والنوع الخسيس كما وصفنا، قال تعالى مخاطبا للإنسان: «خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا»،۳ لكونه أشرف الأكوان الأرضية، فصار سبباً لوجودها وغاية ذاتية

1.. المصدر السابق.

2.. الكهف: ۱۱۰.

3.. البقرة: ۲۹.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15436
صفحه از 485
پرینت  ارسال به