التي دلّ العقل على وجوبها لا توجد إلاّ فيه، ويتعرّى منها كلُّ من تُدّعى له الإمامة سواه، وتنساق الغَيبة بهذا سوقاً حتى لا تبقى شبهة فيها.
وهذه الطريقة أوضحُ ما اعتُمِد عليه في ثبوت إمامة صاحب الزمان، وأبعدُ من الشبهة. فأنّ النقل بذلك وإن كان في الشيعة فاشياً، والتواتر به ظاهراً، ومجيؤه من كلّ طريق معلوماً، فكلّ ذلك يمكن دفعه وإدخال الشبهة فيه، التي يحتاج في حلّها إلى ضروب من التكليف. والطريقة التي أوضحناها بعيدة من الشبهات، قريبة من الأفهام.۱
وترك السيّد المرتضى رسالة أُخرى باسم الزيادة المكمّلة له، وهي بمنزلة تكملة لبحث سبب الغيبة في كتاب المقنع.
۳. الشيخ الطوسيّ (ت۴۶۰ ه)
اتّخذ الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة هذا المنهج ـ من النقل إلى جانب الاستدلال العقلي الكلاميّ ـ أيضاً، فعرّف بأُسلوبه في مقدّمة كتابه الذي رتّبه في سبعة فصول، فقال:
أمّا بعد، فإنّي مجيب إلى ما رسمه الشيخ الجليل ـ أطال اللّه بقاءه ـ من إملاء كلامٍ في غيبة صاحب الزمان، وسبب غيبته، والعلّة التي لأجلها طالت غيبته، وامتداد استتاره، مع شدّة الحاجة إليه وانتشار الحيل، ووقوع الهرج والمرج، وكثرة الفساد في الأرض وظهوره في البر والبحر، ولم لم يظهر، وما المانع منه، وما المحوج اليه؟ والجواب عن كل ما يسأل في ذلك من شُبَه المخالفين، ومطاعن المعاندين.
وأنا مجيب إلى ما سأله، وممتثل ما رسمه، مع ضيق الوقت، وشعث الفكر، وعوائق الزمان، وصوارف الحدثان، وأتكلّم بجمل يزول معها الريب وتنحسم به الشبه، ولا اُطوّل الكلام فيه فيملّ، فإنّ كتبي في الإمامة وكتب شيوخنا مبسوطة في هذا المعنى في غاية الاستقصاء، وأتكلّم على ما يسأل في هذا الباب من الأسئلة