59
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

وفيما يلي نقدّم تقريراً عن جهود سبعة من تلك الشخصيّات على مدى ألف عام:

۱. الشيخ المفيد (ت۴۱۳ ه)

الشيخ المفيد من أوائل علماء الكلام الشيعة الذين تعرّضوا لموضوع الإمام المهديّ عليه‏السلام بمنهج عقليّ، وكتب مصنّفات ورسائل في هذا المجال، فهو على خلاف العلماء القدماء ـ مثل النعمانيّ والشيخ الصدوق ـ اختار في مجالات دينيّة مختلفة الأُسلوب النقليّ العقليّ الذي غدا متداولاً وشائعاً في بغداد آنذاك.

فخلّف خمسة مصنّفات في موضوع الإمام المهديّ عليه‏السلام ۱، أكثرها تفصيلاً كتاب الفصول العشرة في الغيبة الذي ألّفه خلال ۴۱۰ ـ ۴۱۱ه في الأعوام الأخيرة من عمره، وطرح فيه عشر مسائل عن الإمام المهديّ عليه‏السلام بأُسلوب المتكلّمين، وأجاب عنها مستفيداً من الأدلّة العقليّة والآيات القرآنيّة والتاريخ والقصص.۲

۲. السيّد المرتضى (ت۴۳۶ ه)

ثاني شخصية واصلت الاستفادة من المنهج النقليّ العقليّ باندفاع أكثر زخماً: السيّد المرتضى، الذي ألّف رسالة المقنع في الغيبة، وذكر في مقدّمتها:

إنّ العقل قد دلّ على وجوب الإمامة، وإنّ كلّ زمان كُلِّف فيه المكلَّفون الّذين يجوز منهم القبيح والحسن والطاعة والمعصية لا يخلو من إمام، وأنّ خلوّه من إمام إخلال بتمكينهم وقادح في حسن تكليفهم.

ثمّ دلّ على أنّ ذلك الإمام لابُدّ من كونه معصوماً من الخطأ والزلل، مأموناً منه فِعلُ كلّ قبيح.

وليس بعد ثبوت هذين الأصلين إلاّ إمامة مَن تُشير الإمامية إلى إمامته، فإنّ الصفة

1.. راجع: ج ۷ (القسم الرابع عشر: ببليوغرافيا الكتابات المهدويّة / الكتابات المهدويّة في القرن الخامس).

2.. الفصول العشرة: ص ۳۰.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
58

الكثيرة؟!

ولا تخدش هذه الأخبار بضعف السند في بعضها، وغرابة المضامين واستبعاد وقوعها في بعض آخر منها، فإنّ ضعف السند في بعضها لا يضرّ بغيره ممّا هو في غاية الصحّة والمتانة سنداً ومتناً، وإلاّ يلزم رفع اليد عن جميع الأحاديث الصحيحة لمكان بعض الأخبار الضعيفة، مع أنّ اشتهار مفادها بين كافّة المسلمين، وكون أكثر مخرّجيها من أئمّة الإسلام وأكابر العلماء وأستاتذة فنّ الحديث، موجب للقطع بمضمونها، هذا، مضافاً إلى أنّ ضعف السند إنّما يكون قادحاً إذا لم يكن الخبر متواتراً، وأمّا في المتواتر منه فليس ذلك شرطاً في اعتباره.۱

ثانياً: المنهج النقليّ العقليّ

ثاني منهج اتّخذه علماء الإسلام في التعامل مع موضوع الإمام المهديّ عليه‏السلام هو المنهج النقليّ العقليّ الذي انطلقت بدايته منذ القرن الخامس ومن حوزة بغداد العلميّة، وأوّل من عالج به الموضوع هم المتكلّمون البغداديّون، وهم: الشيخ المفيد (ت۴۱۳ه)، والسيّد المرتضى (ت۴۳۶ه)، والشيخ الطوسيّ (ت۴۶۰ ه)، وغيرهم.

وطبيعيّ أن يستمرّ هذا المنحى في المراحل اللاّحقة، فواصل السير على خطاه الشيخ نصير الدين الطوسيّ في القرن السابع، وصدر الدين الشيرازيّ في القرن الحادي عشر، والشهيد السيّد محمّد باقر الصدر وآية اللّه‏ عبد اللّه‏ جوادي آملي وغيرهما من العلماء في الفترة المعاصرة.

اعتُمدت في هذا المنهج ـ إلى جانب الأدلّة النقليّة ـ قواعد وأُصول عقليّة شهدت تطوّرات بمرور الزمان، فاستخدموا حيناً الأُسلوب العقليّ الكلاميّ المحض، وحيناً آخر الأُسلوب الفلسفيّ المحض، وذهبوا في حين ثالث إلى أبعد من ذلك فاستعانوا بالعلوم التجريبيّة البشريّة والشروح العقليّة.

1.. راجع: منتخب الأثر: ج ۲ ص ۶.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15534
صفحه از 485
پرینت  ارسال به