55
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

واحداً بعد واحد أخبارها، حتّى ما منهم أحد إلاّ وقدّم القول فيها، وحقّق كونها، ووصف امتحان اللّه‏ تبارك وتعالى اسمه خلقه بها بما أوجبته قبائح الأفعال ومساوئ الأعمال، والشحّ المطاع، والعاجل الفاني المؤر على الدائم الباقي، والشهوات المتّبعة، والحقوق المضيّعة التي اكتسبت سخط اللّه‏ عزّ وتقدّس، فلم يزل الشكّ والارتياب قادحين في قلوبهم، كما قال أمير المؤنين عليه‏السلام في كلامه لكميل بن زياد في صفة طالبي العلم وحملته: «أو منقاداً لأهل الحقّ لا بصيرة له، ينقدح الشكّ في قلبه لأوّل عارض من شبهة حتّى أدّاهم ذلك إلى التيه والحيرة والعمى والضلالة، ولم يبق منهم إلاّ القليل النزر الذين ثبتوا على دين اللّه‏ وتمسّكوا بحبل اللّه‏، ولم يحيدوا عن صراط اللّه‏ المستقيم.۱

رتّب النعمانيّ كتابه في ۲۶ باباً، وذكر أسناد الأحاديث كاملة، وأشار في المقدّمة بنحو غير مباشر إلى صحّة الأحاديث المنقولة في هذا الكتاب.۲

الكتاب الثاني: كمال الدين للشيخ الصدوق، الذي ذكر في مقدّمته ثلاثة دوافع لكتابته، أحدها: مواجهة حيرة الشيعة في نيشابور بشأن قضيّة إمام العصر، وثانيها: لقاؤ لنجم الدين أبي سعيد محمّد بن حسن بن الصلت القمّي ؛ وهو من أُسرة شيعية كبيرة، قدم مدينة قم من بخارى، وتحيّر في طول غيبة الإمام بعد سماعه أقوال كبار علماء الفلسفة والمنطق، وثالثها: رؤته للإمام المهديّ عليه‏السلام في عالم الرؤا وقد أمره بتأليف كتاب في باب الغيبة.۳

1.. الغيبة للنعماني : ص ۲۰.

2.. قال في مقدّمة كتابه : «وإذا تأمّل من وهب اللّه‏ تعالى له حسن الصورة، وفتح مسامع قلبه، ومنحه جودة القريحة، وأتحفه بالفهم وصحّة الرواية بما جاء عن الهداة الطاهرين صلوات اللّه‏ عليهم على قديم الأيّام وحديثها من الروايات المتّصلة فيها، الموجبة لحدوثها، المقتضية لكونها ممّا قد أوردناه في هذا الكتاب حديثاً حديثاً، وروي فيه، وفكّر فكراً ممعناً، ولم يجعل قراءته ونظره فيه صفحاً دون شافي التأمّل، ولم يطمح ببصره عن حديث منها يشبه ما تقدّمه دون إمعان النظر فيه والتبيين له، ولما يحوي من زيادة المعاني بلفظة من كلام الإمام عليه‏السلامبحسب ما حمله واحد من الرواة عنه، علم أنّ هذه الغيبة لو لم تكن ولم تحدث مع ذلك ومع ما روي على مرّ الدهور فيها، لكان مذهب الإمامة باطلاً» (الغيبة للنعماني: ص ۲۴) .

3.. راجع: ج ۳ ص۴۰۹ ح ۸۶۱ الشيخ الصدوق.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
54

الكتاب الأوّل: كتاب الغيبة لمحمّد بن إبراهيم بن جعفر النعمانيّ (ت ح۳۶۰ه) ـ المعروف بابن أبي زينب۱ ـ الذي قال في مقدّمة كتابه بعد حمد اللّه‏ والثناء عليه:

فإنّا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة إلى التشيّع، المنتمية إلى نبيّها محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ممّن يقول بالإمامة التي جعلها اللّه‏ برحمته دين الحقّ، ولسان الصدق، وزيناً لمن دخل فيها، ونجاة وجمالاً لمن كان من أهلها، وفاز بذمّتها، وتمسّك بعقدتها، ووفى لها بشروطها؛ من المواظبة على الصلوات، وإيتاء الزكوات، والمسابقة إلى الخيرات، واجتناب الفواحش والمنكرات، والتنزّه عن سائر المحظورات، ومراقبة اللّه‏ تقدّس ذكره في الملأ والخلوات، وتشغّل القلوب وإتعاب الأنفس والأبدان في حيازة القربات، قد تفرّقت كلمها، وتشعّبت مذاهبها، واستهانت بفرائض اللّه‏ عز و جل، وخفّت إلى محارم اللّه‏ تعالى، فطال بعضها علوّاً، وانخفض بعضها تقصيراً، وشكّوا جميعاً ـ إلاّ القليل ـ في إمام زمانهم ووليّ أمرهم، وحجّة ربّهم التي اختارها بعلمه، كما قال جلّ وعزّ: «وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ»۲ من أمرهم، للمحنة الواقعة بهذه الغيبة التي سبق من رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ذكرها، وتقدّم من أمير المؤنين عليه‏السلام خبرها، ونطق في المأثور من خطبه والمرويّ عنه من كلامه وحديثه، بالتحذير من فتنتها، وحمل أهل العلم والرواية عن الأئمّة من ولده عليهم‏السلام

1.. ذكر جواد علي في كتاب المهديّ المنتظر عند الشيعة الاثني عشر ص ۲۴ أنّه توفّي سنة ۳۲۸ ه ق، وجاءت وفاته في مقدّمة الأعلميّ على الكتاب المشار إليه : بعد سنة ۳۸۵ ه ؛ بدليل أنّ له رواية عن التلّعكبري المتوفّى سنة ۳۸۷ ه ق (الغيبة، النعماني: ص ۸). وسجّل مؤّف رسالة التخرّج «بررسي مسأله غيبت إمام عصر در قرآن وحديث (بالفارسيّة)»، ص۲۰۲ تاريخ وفاته في سنة ۳۶۰ه ق تقريباً.
والخلاصة: يبدو من المستبعد أنّه توفّي بعد الصدوق، ولو توفّي بعده فتأليفه للكتاب قبل ذلك؛ لأنّ الصدوق ألّف كتاب كمال الدين بعد عودته من سفره إلى نيشابور سنة ۳۵۲ه علوم الحديث، الرقم ۲، ص ۱۲۹ السيّد جواد الشبيريّ «مع الصدوق وكتابه الفقيه»). كما اعتبر المحقّق الجليل السيّد جواد الشبيريّ الزنجانيّ سنة التأليف استناداً إلى القرائن والشواهد في حدود ۳۳۶ ـ ۳۴۳ه ق، وذلك في مقالة «الكاتب النعمانيّ وكتابه الغيبة». يراجع: علوم الحديث، الرقم ۳، ص ۱۷۸.

2.. القصص: ۶۸.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15857
صفحه از 485
پرینت  ارسال به