53
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

والأساليب، ويبدو أنّ أهمّ عامل لاختلاف المناهج والأُصول يعود إلى القواعد والمبادئ المعرفيّة.

فبعض الباحثين استند غالباً إلى تعاليم الوحي في موضوع الإمام المهديّ عليه‏السلام ؛ ولذلك أطلقنا على منهجهم هذا اسم المنهج النقليّ؛ واتّكأ بعض آخر على المعطيات العقليّة لشرح ما جاء به الوحي، فأدرجنا منهجهم تحت اسم المنهج النقليّ العقليّ، واتّخذ بعض ثالث نتائجه الشهوديّة ركيزة لبحث الموضوع، ولذلك سنتطرّق إليه تحت عنوان منهج العرفاء والمتصوّفة.

سعت هذه المقالة إلى تقديم شرح إجمالي عن كلّ منهج، وبيان مميزاته، ومراحله التاريخيّة وتطوّراته، وأكبر الشخصيّات الفكرية الممثّلة له، وأفضل مؤّفاته، وأهمّ وجهات نظره، ومن ثمّ مقايسة العلاقة التاريخيّة لتشكّل وتطوّر هذه المناهج مع بعضها، والوصول إلى نتيجة نهائيّة.

أوّلاً: المنهج النقليّ

أقدم منهج للتأليف في موضوع الإمام المهديّ عليه‏السلام هو المنهج النقليّ، وأوّل خطوة فكريّة فيه هي جمع الأحاديث وتبويبها، وقد اعتمدته المصادر الحديثية الرئيسة للسنّة والشيعة ـ نظير الكافي وكتب الصحاح ـ في جمع ما ضمّته أبواب الإمام المهديّ عليه‏السلام. والركيزة الأساسية للمنهج المذكور هي التعاليم المنتهية بالوحي، وربّما لهذا السبب اعتبر المتبنّون هذا المنهج أنّ المهديّ عليه‏السلام سرّ من الأسرار الإلهيّة أو الأُمور الغيبيّة.

جمع المنهج النقلي أكبر عدد من المؤّدين منذ بداية الكتابة عن الموضوع حتّى الوقت الحالي، فتجاوزت الكتب المؤّفة وفقاً له أكثر من ثمانين كتاباً منذ القرون الأُولى بل حتّى قبل ولادة الإمام المهديّ عليه‏السلام، أقدمها كتابان: الغيبة للنعمانيّ، وكمال الدين للشيخ الصدوق، حيث تمّ تأليفهما في القرن الرابع، وبقيا في متناول الأيدي إلى اليوم، وكان همّ كاتبيهما هو شرح عقائد الشيعة في الإمام الثاني عشر، وإزالة الحيرة والشبهات.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
52

وبعض مصنّفات وكتابات القرون الماضية المرتبطة ببحثنا لم يبق منها إلاّ اسمها في الفهارس، وليس لنسختها أو أيّ عنوان يدلّ عليها أثر يُذكر، وقسم آخر بقيت مخطوطة فقط ولم تُطبع حتّى الوقت الحاضر، في حين طُبعت ونُشرت مصادر كثيرة أيضاً.

الأمر الرابع: تكشف الإحصائيّات التي بحوزتنا عن تأليف أكثر من ۲۵۰ مصنّفاً في موضوع الإمام المهديّ عليه‏السلام من البداية حتّى القرن الثالث عشر، ومنذ ذلك القرن والقرنين التاليين له ـ أي بعد مئتي عام تقريباً ـ غدا الموضوع المذكور ركيزة اهتمام الباحثين، وازدادت إحصائيّة التأليف إلى ثلاثين ضعفاً تقريباً؛ حيث أثّر في التطوّر الثقافيّ بين المسلمين بنحوٍ أساسي ظهور الطباعة والنشر، وبعض العوامل الخارجية الأُخرى مثل اتّساع العلاقات بالعالم الغربي.

ولعلّ في تأليف خمسة عشر فهرساً ومرجعاً في موضوع الإمام المهديّ عليه‏السلام دليلاً ساطعاً على كثرة التأليفات في هذا المجال.۱

الأمر الخامس: كتّاب هذه المؤّفات ينتمون إلى مذاهب إسلاميّة مختلفة تشمل الشيعة والسنّة والزيديّة وغيرهم، وتناولوا الموضوع باتّجاهات متنوّعة، منها: كلاميّة، وفلسفيّة، وعرفانيّة، وتاريخيّة، وحديثيّة.

ودراسة تحليليّة لهذه البحوث والمؤّفات تميط اللثام عن وجود تباين في نوع مواجهتها للقضيّة المهدويّة وتعاملها معها، وهذا التباين ـ نظير جميع المجالات الأُخرى في العلوم الإنسانيّة ـ ينشأ حيناً من الاختلاف في الأُسس والمناهج، ويبزغ حيناً آخر من الاختلاف في القابليّات والمعلومات وجهات شخصيّة أُخرى، ومايقبل الدراسة والمقارنة هنا هي المجموعة القائمة على الاختلافات في الأُسس والمناهج.

هذه المقالة تبنّت ـ بدراسة تحليلية لمؤّفات المسلمين خلال مختلف المراحل التاريخية ـ إزاحة الستار عن المناهج والخصائص المتباينة، وعن الاختلافات في الأُسس

1.. راجع: ج ۷ (القسم الرابع عشر: ببليوغرافيا الكتابات المهدويّة).

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15376
صفحه از 485
پرینت  ارسال به