إلَيها ؟ فَقالَ:
إنّي ما نَظَرتُ إلَيها إلاّ مُتَعَجِّبا. أما إنَّ المَولودَ الكَريمَ عَلَى اللّهِ تَعالى يَكونُ مِنها، ثُمَّ أمَرَها أن تَستَأذِنَ أبَا الحَسَنِ عليهالسلام في دَفعِها إلَيهِ، فَفَعَلَت فَأَمَرَها بِذلِكَ۱.۲
۳۲۳.كمال الدين: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حاتِمٍ النَّوفَلِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو العَبّاسِ أحمَدُ بنُ عيسَى الوَشّاءُ البَغدادِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا أحمَدُ بنُ طاهِرٍ القُمِّيُّ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو الحُسَينِ مُحَمَّدُ بنُ بَحرٍ الشَّيبانِيُّ، قالَ:
وَرَدتُ كَربلاء سَنَةَ سِتٍّ وثَمانينَ ومِئَتَينِ، قالَ: وزُرتُ قَبرَ غَريبِ رَسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله، ثُمَّ انكَفَأتُ إلى مَدينَةِ السَّلامِ مُتَوَجِّها إلى مَقابِرِ قُرَيشٍ، في وَقتٍ قَد تَضَرَّمَتِ۳ الهَواجِرُ۴، وتَوَقَّدَتِ السَّمائِمُ، فَلَمّا وَصَلتُ مِنها إلى مَشهَدِ الكاظِمِ عليهالسلام، وَاستَنشَقتُ نَسيمَ تُربَتِهِ المَغمورَةِ مِنَ الرَّحمَةِ، المَحفوفَةِ بِحَدائِقِ الغُفرانِ، أكبَبتُ عَلَيها بِعَبَراتٍ مُتَقاطِرَةٍ وزَفَراتٍ مُتَتابِعَةٍ، وقَد حَجَبَ الدَّمعُ طَرفي عَنِ النَّظَرِ.
فَلَمّا رَقَأَتِ العَبرَةُ وَانقَطَعَ النَّحيبُ، فَتَحتُ بَصَري فَإِذا أنَا بِشَيخٍ قَدِ انحَنى صُلبُهُ، وتَقَوَّسَ مَنكِباهُ، وثَفِنَت جَبهَتُهُ وراحَتاهُ، وهُوَ يَقولُ لاِخَرَ مَعَهُ عِندَ القَبرِ:
يَابنَ أخي، لَقَد نالَ عَمُّكَ شَرَفا بِما حَمَّلَهُ السَّيِّدانِ مِن غَوامِضِ الغُيوبِ، وشَرائِفِ العُلومِ الَّتي لَم يَحمِل مِثلَها إلاّ سَلمانُ، وقَد أشرَفَ عَمُّكَ عَلَى استِكمالِ المُدَّةِ وَانقِضاءِ العُمُرِ، ولَيسَ يَجِدُ في أهلِ الوَلايَةِ رَجُلاً يُفضي إلَيهِ بِسِرِّهِ.
قُلتُ: يا نَفسُ، لا يَزالُ العَناءُ وَالمَشَقَّةُ يَنالانِ مِنكِ بِإِتعابِيَ الخُفَّ وَالحافِرَ في
1.. وفي عيون المعجزات : «قرأت في كتب كثيرة بروايات كثيرة صحيحة : أنّه كان لحكيمة بنت أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهالسلامجارية ولدت في بيتها وربّتها ...» .
2.. الغيبة للطوسي: ص ۲۴۴ ح ۲۱۰ ، عيون المعجزات : ص ۱۳۸ ، بحار الأنوار : ج ۵۱ ص ۲۲ ح ۲۹ .
3.. ضَرَمَت النّار وتضرّمت : التهبت المصباح المنير : ص ۳۶۱ «ضرم» .
4.. الهاجِرَةُ : اشتدادُ الحَرِّ نصف النهار النهاية : ج ۵ ص ۲۴۶ «هجر» .