وكان رسولُ اللّه يعرّف نبوّته كظاهرة متوافقة مع المعايير العقليّة والعلميّة، بحيث لو توفّر العلماء على معرفتها للمسوا بيسرٍ صِدقه في اتّصاله بخالق الكون:
«وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ».۱
كما حذّر النبيّ صلىاللهعليهوآله الناسَ من اتّباع كلّ ما لم يوافق عليه العلم، وتلا عليهم هذه الآية:
«وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ».۲
يتّضح من هذه المقدّمة أنّ المراد من حديث ضرورة معرفة إمام كلّ زمان، أبعد من كونه مسألة شخصيّة، أو مجرّد أنّ المسلم الذي لايعرف إمامه ضالّ وليس مسلماً حقيقيّاً، بل الأمر الأهمّ هو أنّ هذا الحديث يحذّر من أنّ عصر العلم الذي بدأ ببعثة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله لايستمرّ إلاّ بوجود تلك المعرفة المذكورة. وبعبارة أُخرى: إنّ الإمامة تحافظ على عصر العلم أو عصر الإسلام الحقيقيّ وتضمن استمراره، وسيعود المجتمع الإسلاميّ أدراجه إلى ما قبل الإسلام لو فُقدت تلك الحماية والدعم.
لقد استلهم الحديث الرؤة القرآنيّة المستقبليّة في هذه الآية:
«وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ».۳
وخلال حديثٍ لرسول اللّه صلىاللهعليهوآله أكّد فيه ضرورة معرفة الإمام۴، بيّن كيف يمكن للمجتمع الإسلاميّ التراجع إلى عصر جاهليّة ما قبل الإسلام، وكلام النبيّ يبيّن هذه الحقيقة؛ وهي التنبّؤ بهذه الظاهرة الخطرة عند إزالة الإمامة والقيادة.
أيّ إمام تجب معرفته.
إنّ قليلاً من التأمّل في مضمون الحديث ـ لا سيّما لو أخذنا الشرح السابق بنظر الاعتبار ـ