305
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

ونظراً إلى الأدلّة الّتي طُرحت في الصفحات السابقة، يُستنتج أنّ حديث «الخلفاء الاثني عشر» لاينطبق إلاّ على نظريّة الشيعة الاثني عشرية، وأمّا ما سواها من التحليلات والتنظير فهي نادرة شاذّة؛ لاشتمالها على إشكالات عديدة.

جواب عن إشكالين

يواجه الرأي الذي اخترناه في شرح حديث «الاثني عشر خليفة» إشكالان سنعرض لهما مع الإجابة عنهما فيما يأتي:

۱. أغلب أئمّة الشيعة لم يتصدوا للخلافة

الإشكال الأوّل هو أنّ الإمامين (عليّاً والحسن عليهماالسلام) هما من تصدّيا للخلافة فقط من بين الأئمّة الاثني عشر الذين يؤن بهم شيعة أهل البيت عليهم‏السلام، وبناءً عليه كيف يمكن اعتبارهم خلفاء للنبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؟

والجواب عن ذلك هو، أنّ الإمامة والخلافة منصب إلهيّ استناداً إلى الأحاديث المعتبرة التي مرّ قسم منها، وقد عيّن الرسولُ بأمر اللّه‏ اثني عشر شخصاً من أهل البيت عليهم‏السلام ليؤّوا هذه المسؤليّة، وأمّا عدم اتّباع أغلب الناس لهم فهو لايتعارض مع خلافتهم الحقيقيّة.

وبتعبير آخر: أخبر النبيّ عن جدارة أئمّة أهل البيت عليهم‏السلام للخلافة وعيّنهم خلفاء له استناداً إلى الأحاديث المعتبرة السابقة، ومن بينها حديث «الخلفاء الاثني عشر»، ولكن هل يرتضي الناس ذلك أم لا هو موضوع آخر تنبّأ الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بشأنه في أحاديث أُخرى صورّت مستقبل الأُمّة الإسلاميّة، وأخبرت عمّا ستفعله تلك الأُمّة بأهل بيته.۱

۲. عدم اتّفاق الأُمّة على خلافة أئمّة الشيعة

الإشكال الثاني هو مجيء العبارة التالية في بعض روايات حديث «الخلفاء الاثني عشر»:

1.. راجع: أهل البيت في الكتاب والسنّة: ص ۴۵۳ القسم الحاديعشر : ظلم أهل البيت عليهم‏السلام وموسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‏السلام: ج ۴ ص ۲۷۲ (القسم الثامن / الفصل الأوّل : إخبار النّبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله باستشهاده عليه‏السلام).


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
304

۳. جاءت أحاديث الاثني عشر خليفة لتُشيد بهؤاء الأشخاص، وطبيعيّ أنّ هذا الثناء لايمكن أن يشمل بني أُميّة الذين ارتكبوا جرائم عديدة بحقّ الإسلام والمسلمين والمجتمع الإسلاميّ، إضافة إلى صدور أحاديث كثيرة في ذمّهم.۱

۴. نُفي الحكم بن العاص وابنه مروان بن الحكم من المدينة؛ لنفاقهم بأمر رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، أليس مدعاة للعجب أن يعتبروه من أصحاب النبيّ ويعدّون حكومته كالحكم في عهد رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؟!

الرأي الخامس: إمارة اثني عشر أميراً في زمان واحد

قال المهلّب:

الّذي يغلب على الظنّ أنّه ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ أخبر بأعاجيب تكون بعده من الفتن حتّى يفترق الناس في وقتٍ واحد على اثني عشر أميراً، ولو أراد غير هذا لقال: يكون اثنا عشر أميراً يفعلون كذا.۲

نقد الرأي الخامس

يبدو أنّ المهلّب كان في صدد توضيح نصّ منقول عن صحيح البخاريّ، ولم يلتفت إلى سائر الآراء الأكثر دقّة وشرحاً لحديث جابر بن سَمُرة، فالنصّ في صحيح البخاريّ موجز ومبهم، ومن ثمّ يمكن تصوير احتمالات كثيرة فيه.

أشار ابن حجر العسقلانيّ في نقد هذا الرأي معتقداً أنّ النصوص في صحيح مسلّم صرّحت بأنّ عزّة الإسلام ومنعته في عهد هؤاء الاثني عشر شخصاً، فهل يمكن للمرء أن يتصوّر حدوث اثني عشر شِعباً بين المسلمين مع المحافظة على عزّة الإسلام۳؟

1.. راجع: الغدير: ج ۸ ص ۲۴۸ ومسائل خلافيّة: ص ۳۱ ـ ۳۵.

2.. فتح الباري: ج ۱۳ ص ۲۱۱.

3.. راجع: فتح الباري: ج ۱۳ ص ۲۱۱.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15440
صفحه از 485
پرینت  ارسال به