وهذا في حين أنّ الحكومة مجرّد وسيلة وأداة اعتمدها الرسول صلىاللهعليهوآله لنشر هدفه، وقد أدّى مهمّته سواء عند استلامه للحكم أو عدم استلامه خلال المرحلة الشاقّة في مكّة.
إنّ المبرّرات والتأويلات اللاّحقة التي نقلها علماء الحديث من أهل السنّة تكشف عن عنايتهم بالمعنى الشائع للخليفة دون الاهتمام بالعلّة الغائيّة لبعثة الأنبياء، فسعوا وراء خليفة من بين الحكّام والمتسلّطين، وبديهي أنّ الظَّلَمة وسفّاكي الدماء منهم ـ كيزيد وعبد الملك ـ لايمكن أن يكونوا خليفةَ أعظمِ الأنبياء وخاتمهم.
ولاريب في أنّ هدف النبيّ صلىاللهعليهوآله من هذا الحديث هو التعريف بأفضل من يخلفه وله الكفاءة الكاملة لقيادة الأُمّة الإسلاميّة، وبما أنّ مقام النبوّة منزّه عن اللغو وحياكة الألغاز، فالمسألة المهمّة في فقه الحديث وفهم كلام رسول اللّه هي تعيين مصاديق الخلفاء الاثني عشر الذين عرّفهم على أنّهم جديرون بخلافته.
جواب هذه المسألة لايشوبه غموض في رؤة شيعة أهل البيت عليهمالسلام ؛ لأنّهم يعتقدون بأنّ خلفاء الرسول الاثني عشر هم الاثنا عشر إماماً من أهل بيته، أوّلهم الإمام عليّ عليهالسلام وآخرهم الإمام المهديّ عليهالسلام، وهو مازال حيّاً، وسيملأ العالم قسطاً وعدلاً في يوم آت لا ريب فيه.۱
في حين خلت كنانةُ محدّثي أهل السنّة من جواب يُفصح عن مصاديق الخلفاء الاثني عشر بالرغم من اعتقادهم بصحّة حديث جابر بن سَمُرة، بحيث قال ابن الجوزي في كتاب كشف المشكل:
هذا الحديث قد أطلت البحث عنه، وطلبته مظانّه، وسألت عنه، فما رأيت أحداً وقع على المقصود به.۲
كما صرّح المهلّب بما يلي: