وردت في الروايات المختلفة لحديث جابر، وفي عدد الذين عرّفهم رسول اللّه صلىاللهعليهوآله كخلفاء من بعده ومكانتهم الأُسَريّة، والأهمّ من كلّ ذلك في تأكيده على أنّ قوام الدين وعزّة الإسلام وصلاح الأُمّة إلى يوم القيامة مرهون بخلافتهم؛ إنّ التدبر في جميع ما مرّ يُفصح بوضوح عن أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله يروم عرض مميّزات الأشخاص ذوي الكفاءة العلميّة والعمليّة والسياسيّة والإداريّة لقيادة المجتمع الإسلاميّ من بعده، أُولئك الذين في وسعهم أن يكونوا خلفاء للّه ولرسوله.
حازت أهمّية هذا البيان درجة كبيرة في ذلك الوقت، يصفها ابن عبّاس في حديث أبي بكر:
جاءَهُ أعرابِيٌّ فَقالَ لَهُ: أنتَ خَليفَةُ رَسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله ؟ فَقالَ: لا. قالَ: فَما أنتَ؟ قالَ: أنَا الخالِفَةُ بَعدَهُ.۱
والتدقيق في كلمة «خليفة» نفسها تبيّن هذا المعنى، فهي تعني «القائم مقام شخص»؛ أي من يتولّى أداء مهامّ الشخص الذي قام مقامه وناب عنه وشغل منصبه. ولأنّ الواجب الأساسيّ والمحوريّ للنبيّ صلىاللهعليهوآله هداية الناس وإرشادهم إلى الفلاح، فالشخص الوحيد الجدير بعنوان الخلافة هو من يُرشد الناس على أتمّ وجه.
ولهذا اعتبر الرسولُ صلىاللهعليهوآله الدعاةَ إلى الدين ورواة أحاديثه وسنّته خلفاء له، كما ورد في حديث له أنّه قال:
اللّهُمَّ ارحَم خُلَفائي.
قيلَ: يارَسولَ اللّهِ ومَن خُلَفاؤ؟ قالَ:
الَّذينَ يَأتونَ مِن بَعدي يَروونَ حَديثي وسُنَّتي.۲