297
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

وردت في الروايات المختلفة لحديث جابر، وفي عدد الذين عرّفهم رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كخلفاء من بعده ومكانتهم الأُسَريّة، والأهمّ من كلّ ذلك في تأكيده على أنّ قوام الدين وعزّة الإسلام وصلاح الأُمّة إلى يوم القيامة مرهون بخلافتهم؛ إنّ التدبر في جميع ما مرّ يُفصح بوضوح عن أنّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يروم عرض مميّزات الأشخاص ذوي الكفاءة العلميّة والعمليّة والسياسيّة والإداريّة لقيادة المجتمع الإسلاميّ من بعده، أُولئك الذين في وسعهم أن يكونوا خلفاء للّه‏ ولرسوله.

حازت أهمّية هذا البيان درجة كبيرة في ذلك الوقت، يصفها ابن عبّاس في حديث أبي بكر:

جاءَهُ أعرابِيٌّ فَقالَ لَهُ: أنتَ خَليفَةُ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؟ فَقالَ: لا. قالَ: فَما أنتَ؟ قالَ: أنَا الخالِفَةُ بَعدَهُ.۱

والتدقيق في كلمة «خليفة» نفسها تبيّن هذا المعنى، فهي تعني «القائم مقام شخص»؛ أي من يتولّى أداء مهامّ الشخص الذي قام مقامه وناب عنه وشغل منصبه. ولأنّ الواجب الأساسيّ والمحوريّ للنبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله هداية الناس وإرشادهم إلى الفلاح، فالشخص الوحيد الجدير بعنوان الخلافة هو من يُرشد الناس على أتمّ وجه.

ولهذا اعتبر الرسولُ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الدعاةَ إلى الدين ورواة أحاديثه وسنّته خلفاء له، كما ورد في حديث له أنّه قال:

اللّهُمَّ ارحَم خُلَفائي.

قيلَ: يارَسولَ اللّه‏ِ ومَن خُلَفاؤ؟ قالَ:

الَّذينَ يَأتونَ مِن بَعدي يَروونَ حَديثي وسُنَّتي.۲

1.. الخالفة: الذي لا غَناء عنده ولا خير فيه، وكذلك الخالف لسان العرب: ج ۹ ص ۸۹ «خلف».

2.. كتاب من لايحضره الفقيه: ج ۴ ص ۴۲۰ ح ۵۹۱۹.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
296

وتعكس كلّ هذه الروايات أنّ رسول اللّه‏ سعى للتعريف بخلفائه والقادة المستقبليّين للعالم الإسلاميّ، وأنّ راوي الحديث أو رواته نقلوه بالمعنى.

والأمر الحريّ بالاهتمام هو حدوث ضجّة وصخب في المجلس بعد تعريف النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله اثني عشر شخصاً على أنّهم خلفاء له، حتّى إنّ جابر بن سَمُرة صرّح بعدم سماعه لجملة الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الأخيرة، فسأل أباه أو عمّه: ماذا قال النبيّ؟ فأجابه بأنّه قال: «كُلّهم مِن قُرَيش»۱، أو «كُلّهم مِن بَني هاشِم».۲

كما يكشف هذا المشهد عن عدم مناسبة الأجواء السياسيّة للإعلان عن قادة العالم الإسلاميّ في المستقبل، كما أشارت جملة: «وَاللَّهُ يَعْصِمُك مِنَ النَّاسِ»۳ في يوم الغدير إلى هذه الحقيقة أيضاً.

وكذلك بعد الغدير حاول رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أن يعالج تحريريّاً مشكلة القيادة المستقبليّة للعالم الإسلاميّ في مرضه الذي أودى بحياته، فدبّ الخلاف بينهم وعرقلوا سعيه وواجهوه بالصخب والضجيج، والنتيجة أنّه لم يتمكّن من التصريح بالأمر.۴

۴. المقصود من .اثنا عشر خليفة.

إن التدبّر في المفردات: «خليفة»۵ و«إمام»۶ و«وصيّ»۷ و«أمير»۸ وألفاظ أُخرى تناظرها

1.. راجع: ص ۲۸۷ ـ ۲۸۹ ح ۱۱۱ ـ ۱۱۶.

2.. ينابيع المودّة: ج۲ ص۳۱۶ ح۹۰۸.

3.. المائدة: ۶۷.

4.. راجع: صحيح البخاري: ج ۱ ص۵۴ ح۱۱۴ و ج ۴ ص ۱۶۱۲ ح ۴۱۶۸ وج ۸ ص ۲۶۸۰ ح ۶۹۳۳ ومسند ابن حنبل: ج ۱ ص ۶۹۵ ح ۲۹۹۲ والطبقات الكبرى: ج ۲ ص ۲۴۴.

5.. راجع: ص ۲۸۷ (ما روي بلفظ «إثنا عشر خليفةٍ»).

6.. راجع: ص ۳۰۷ (ما روي بلفظ «إثنا عشر إماماً»).

7.. راجع: ص ۳۰۹ (ما روي بلفظ «إثنا عشر وصيّاً»).

8.. راجع: ص ۲۹۲ (ما روي بلفظ «إثنا عشر أميراً»).

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15448
صفحه از 485
پرینت  ارسال به