285
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

ج ـ اعتبر الحاكم النيشابوري أصل حديث الثقلين صحيحاً، والرواية بلفظ «سُنَّتي» غريبة، قائلاً:

وهذا الحديث لخطبة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله متّفق على إخراجه في الصحيح: «يا أيُّها النّاسُ، إِنِّي قَد تَرَكتُ فيكُم ما لَن تَضِلُّوا بَعدَهُ إِن اعتَصَمتُم بِهِ: كِتابَ اللّه‏ِ وَأَنتُم مَسؤلونَ عَنهُ، فما أنتم قائلون»، وذِكرُ الاعتصام بالسنّة في هذه الخطبة غريب و يحتاج إليها.۱

ولهذا فالرواية المذكورة عن حديث الثقلين ليست معتبرة، ولا يمكنها أن تكون بديلاً عن عبارة «كِتابَ اللّه‏ِ وعِترَتي».

د ـ جاءت في بعض أحاديث الشيعة عبارة «كِتابَ اللّه‏ِ وَسُنَّتي» بدلاً من «كِتابَ اللّه‏ِ وَعِترَتي». نقل هذا النصّ الشيخ الصدوق عن أبي هريرة في كتاب كمال الدين بعد ذكره للرواية المشهورة ۲. وسند هذا الحديث ضعيف، ويُحتمل أنّه نقله للإشارة الى الفرق المذكور؛ لأنّ هذه الخطوة ليست منسجمة مع هدفه من تأليف كتاب كمال الدين، ومن عنوان باب «اتّصال الوصيّة من لدن آدم عليه‏السلام».

ملاحظات

من المفيد إدراج بعض الملاحظات الآتية في خاتمة البحث:

۱ ـ إنّ حديثنا السابق لاينفي حجّية سنّة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؛ لأنّ الأدلّة القرآنيّة والروائيّة والعقليّة لسنّة الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في غاية الاتّقان والقوّة، بحيث تُلغي أيّ احتمال لعدم اعتبارها، وبناء عليه فلا يعني إنكار صدور هذه الروايات إنكاراً لحجّية سنّة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

۲ ـ يدلّ وجوب التمسّك بالعترة إلى جانب حجّية القرآن والسنّة، على أنّ الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في صدد بيان إمكانيّة هداية القرآن والسنّة بالتمسّك بالعترة، وربّما هناك قراءات مختلفة ل

1.. المستدرك على الصحيحين: ج ۱ ص ۱۷ ح ۳۱۸.

2.. راجع: كمال الدين: ص ۲۳۵ ح ۴۷.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
284

التدقيق في السند

إنّ دراسة سند هذه الرواية والتدقيق فيه توصِلنا إلى ما يلي:

أ ـ أهمّ مصدر لعبارة «كِتابَ اللّه‏ِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ» هو الموطّأ لمالك الذي نقل هذه الرواية مرسلةً، وبالنظر إلى عدم نقل أيّ واحد من مؤّفي الصحاح الستّة للرواية بهذا النحو، ومجيء العبارة بـ «كِتابَ اللّه‏ِ وَعِترَتي» في مصادر من قبيل: صحيح مسلم وسنن الترمذيّ وسنن النسائيّ وسنن الدراميّ، فما ورد في الموطّأ لايمتلك الأهليّة اللاّزمة من حيث السند.

ب ـ نقل الحاكم النيسابوري الرواية السابقة بطريقين اشتملا على رواة ضعفاء، من بينهم: صالح بن موسى الطلحيّ وإسماعيل بن أبي أُويس، اللذان ضعّفهما بقوّة علماء الرجال من أهل السنّة، وتعرّضوا للطعن فيهما.

فوردت في حقّ صالح بن موسى العبارات الآتية: «ضعيف الحديث جدّاً»، و «متروك الحديث»؛ أي ينقل أحاديث مهملة، و«يروي المناكير»؛ أي ينقل أحاديث مستهجنة۱ و.... إضافة إلى ذلك فهو ليس من رواة البخاريّ ومسلم، وجاء حديثه خطأ في كتاب المستدرك على الصحيحين.

أمّا إسماعيل بن أُويس، فقد ورد ضمن رجال مسلم، إلاّ أنّهم ضعّفوه تضعيفاً شديداً وكثيراً، فقالوا بحقّه: «مخلّط»؛ أي مضطرب الحال، و«كذّاب»، و«ليس بشيء»؛ أي ليس له اعتبار، و«كان يضع الحديث»، و«يسرق الحديث» و...، كما نقلوا عنه أنّه قال:

ربّما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم.۲

وقد ورد هذان الراويان في جميع أحاديث «كِتابَ اللّه‏ِ وَسُنَّتي»، وتسبّبا في عدم صلاحيّة جميعها.

1.. راجع: تهذيب التهذيب: ج ۳ ص ۵۳۵.

2.. المصدر السابق: ج ۱ ص ۲۵۷.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15507
صفحه از 485
پرینت  ارسال به