283
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول

وفي غاية الصعوبة. قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه‏السلام في هذا الشأن:

إِنَّ لِصاحِبِ هَذا الأَمرِ غَيبَةً، المُتَمَسِّكُ فيها بِدينِهِ كَالخارِطِ لِلقَتادِ.۱

وهكذا فأتباع الولاية الحقيقيّون والمتمسّكون بأهل البيت في عصر الغيبة لهم أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر وأُحد۲.۳

ثامناً: تدقيق في رواية أُخرى لحديث الثقلين

في مقابل حديث الثقلين المتواتر الذي أوصى فيه رسول اللّه‏ الأُمّة بالتمسّك بالقرآن والعترة، وردت في بعض المصادر الحديثيّة كلمة «السنّة» بدلاً من «العترة»، كما نقل مالك في الموطّأ عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مرسلاً: «تَرَكتُ فيكم أَمرَينِ لَن تَضِلُّوا ما مَسَكتُم بِهِما: كتابَ اللّه‏ِ وسُنَّةَ نَبِيِّهِ».۴

وذكر الحاكم في المستدرك هذه الرواية كما يلي: «يا أيُّهَا النّاسُ! إنّي قَد تَرَكتُ فيكم ما إن اعتَصَمتُم بِهِ فَلَن تَضِلُّوا أبَداً: كتابَ اللّه‏ِ و سُنَّةَ نَبِيِّهِ».۵

ولابدّ من التدقيق في هذين النصّين؛ نظراً لعدم انسجامهما مع الرواية المشهورة لحديث الثقلين.

1.. الكافي: ج۱ ص۳۳۵ ح۱، كمال الدين: ص۳۴۶ ح۳۴، الغيبة للنعماني : ص۱۶۹ ح۱۱، الغيبة للطوسي: ص۴۵۵ ح۴۶۵، بحار الأنوار: ج۵۲ ص۱۱۱ ح۲۱.

2.. راجع: كمال الدين: ص ۳۲۳ ح ۷ وإعلام الورى: ج ۲ ص ۲۳۲ وكشف الغمّة: ج ۳ ص ۳۱۲.

3.. ولو أشكل على ذلك وقيل: على هذا الفرض يمكن القول: إنّ معنى التمسّك هو اتّباع سنّة طريقة أهل البيت، ومن ثمّ لاحاجة لحضورهم في المجتمع. ولكن مثل هذا الجواب يقال عندما يراد من المعنى: التمسّك بالسنّة لا بالعترة، في حين أنّ النبيّ أوصى وذكّر بصراحة بالعترة. وأمّا التمسّك بالسنّة واتّباع نوّاب الإمام عليه‏السلام في عصر الغيبة فلأنّ الاتّصال بالإمام الغائب واتّباعه من غير واسطة ليس ممكناً في عهد الغيبة ونتيجة لذلك لايوجد بديل آخر سوى هذا السبيل.

4.. الموطّأ: ج ۲ ص ۸۹۹ ح ۳.

5.. المستدرك على الصحيحين: ج ۱ ص ۱۷۱ ح ۳۱۸ و راجع السنن الكبرى: ج ۱۰ ص ۱۹۴ ح ۲۰۳۳.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
282

المقدّمة الثانية: بقاء أيّ واحد من أهل البيت عليهم‏السلام إلى جانب القرآن يشمل حضوره وغيابه، وإذ لم يوجد إمام من أهل البيت حاضر وظاهر من بعد الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليه‏السلام إلى الآن، فمقتضى حديث الثقلين وجود إمام غائب من أهل البيت عليهم‏السلام ؛ لأنّه خلافاً لذلك سينفصل القرآن عن العترة، وهذا الإمام الغائب ليس إلاّ الإمام المهديّ عليه‏السلام.

الثاني: ماذا يعني التمسّك بأهل البيت عليهم‏السلام ؟

أكّد رسول اللّه‏ ضرورة التمسّك بأهل البيت من بعده في أحاديث كثيرة أُخرى۱ إضافة إلى حديث الثقلين، ولا ريب في أنّ معنى التمسّك بالنبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إبّان حياته هو اتّباعه دينيّاً وسياسيّاً، وبناء عليه يدلّ بوضوح وجوب التمسّك بأهل بيت النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله من بعده على مرجعيّتهم الدينيّة والسياسيّة ووجوب اتّباعهم.

وطبيعيّ أن يتباين التمسّك والتبعيّة الدينيّة والسياسيّة فيما يرتبط بالإمام الحاضر والغائب، كما سيأتي توضيحه فيما بعد.

الثالث: كيفيّة التمسّك بالإمام الغائب

اتّضح إلى هنا بقاء أهل بيت النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إلى يوم القيامة، ووجوب التمسّك بهم في الدين والسياسة استناداً إلى حديث الثقلين، ولكنّ القضية المهمّة هي: كيف يتمسّك المجتمع الإسلاميّ بإمام غائب؟

وينكشف بتأمّل يسير أنّ التمسّك بالإمام الغائب يعني اتّباع نوّابه الخاصّين والعامّين، والدعوة والترويج لمذهب أهل البيت عليهم‏السلام، ومجابهة العراقيل الحائلة دون ظهوره، والسعي لتثبيت الصلة بين القرآن والعترة والدين والسياسة، ومن ثمّ توفير الأرضيّة الثقافيّة والسياسيّة والاقتصاديّة للحكومة الإسلاميّة العالميّة بقيادة أهل البيت، وهو عمل خطير

1.. راجع: أهل البيت في الكتاب والسنّة: ص ۳۶۲ القسم الثامن / الفصل الثالث / التمسّك .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    01/01/1398
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15511
صفحه از 485
پرینت  ارسال به